وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ، وهذا هو الغالب فيها أن النكرة إذا وقعت مبتدأً لا تفيد، يعني: لا يصح أن يسند إليها خبر، وإذا أسند إليها حينئذٍ لا يفيد فائدة تامة، وإن أفاد فائدة ناقصة، مَا لَمْ تُفِدْ كما هو الغالب فإن أفادت جاز الابتداء بها، وتخصيص النكرة هنا بالذكر -قال: النكرة- تخصيص النكرة بالذكر مع الإفادة مع أن الإفادة شرط في الكلام مطلقاً؛ لأن الغالب عدم إفادة الابتداء بالنكرة، إذاً بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ، خصص هنا عدم الإفادة بالنكرة مع كون الإفادة شرطاً في الكلام، أليس كذلك؟ وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ، هنا قيد النكرة بالإفادة، مع كون نفي الإفادة عن مطلق الكلام شرط فيه، كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ، إذاً الإفادة شرط في صحة الكلام، لماذا خصص النكرة هنا بنفي الإفادة؟ قال: وتخصيص النكرة بالذكر مع أن الإفادة شرط في الكلام مطلقاً؛ لأن الغالب عدم إفادة الابتداء بالنكرة، والكلام هنا في النكرة، المخبر عنها التي لها مرفوع أغنى عن الخبر بصحة الابتداء بها وإن كانت نكرة محضة، أقائم الزيدان، نقول: لاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ، وقائم هنا مبتدأ، أقائم الزيدان قائم هذا مبتدأ، هل هو داخل في قوله: وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ مَا لَمْ تُفِدْ؟ هو نكرة وابتدأ بها، نقول: ليس المراد هنا بالوصف المعتمد على نفي أو استفهام، بل المراد به المبتدأ الذي له خبر هذا أولاً، وقاله الكثير من الشراح، ويجاب: بأن قائم هذا معتمد على نفي أو استفهام، والنكرة مطلقاً إذا اعتمدت على نفي أو استفهام جاز أن يبتدأَ بها، فَمَا خِلٌّ لَنَا وكذلك: وَهَلْ فَتًى فِيكُمْ، من باب المثالين.
وَلاَ يَجُوزُ الابْتِدَا بِالنَّكِرَهْ ... مَا لَمْ تُفِدْ .. إن أفادت حينئذٍ جاز الابتداء بها، وصور إفادة النكرة ابتداءً هذه في الغالب أنها ترجع إلى شيئين اثنين كما قال ابن هشام في قطر الندى: وهي أنها إن عمت أو خصت، بأي وسيلة صار فيها نوع عموم وبأي وسيلة صار فيها نوع خصوص حينئذٍ جاز الابتداء بها، وأكثر ما يذكر من تعداد صور إفادة النكرة فهو راجع إلى هذين السببين، قد يخرج بعضها لكن الغالب هو هذا، إن عمت أو خصت، إن عمت كأن سبقها نفي أو استفهام ((أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)) [النمل:60]، إِِلَهٌ هذا مبتدأ، ما الذي جوز الابتداء به؟ كونه مسبوقاً باستفهام، ((هَلْ مِنْ خَالِقٍ)) [فاطر:3]، خَالِقٍ هذا مبتدأ وهو نكرة، جوز الابتداء به كونه وقع في سياق الاستفهام.