وَلا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَا عَنْ جُثَّةٍ .. خَبَرَاً اسم الزمان، عَنْ جُثَّةٍ، يعني: عن جوهر، المبتدئ الذي يقع الإخبار عنه إما أن يكون جوهراً وإما أن يكون عرضاً، جوهر جثة كزيد مثلاً، والهلال، والشمس، والبيت، والمسجد، نقول: هذه جثة مدركة بحس، وإما أن يكون عرضا، يعني: معنى من المعاني، كالقتال، والعلم، والخير، والفضل، نقول: هذه كلها معاني، والخبر إما أن يكون اسم زمان وإما أن يكون اسم مكان، إذا كان ظرف - والكلام في الظرف - فحينئذٍ إذا كان المبتدأ جثة واسم معنى -عرض يعني- والخبر ظرف مكان أو ظرف زمان صح الإخبار بظرف المكان عن نوعي المبتدأ، فيقال: زيد أمامك، والخير أمامك، زيد هذا مبتدأ، ما نوعه؟ نقول: جثة، يعني: جسم، وأمامك هذا ظرف مكان، صح الإخبار بأمامك عن زيد وهو جثة، كذلك الخير هذا معنى من المعاني وهو مبتدأ، أمامك هذا نقول: كذلك ظرف مكان فصح الإخبار بظرف المكان عن اسم المعنى، وأما إذا كان الخبر ظرف زمان حينئذٍ يُفصَّل: إن كان المبتدأ اسم معنى جاز، الصوم اليوم، الصوم هذا معنى ليس بجثة وهو مبتدأ، واليوم هذا اسم زمان صح الإخبار أو لا؟ صح؛ لحصول الفائدة، وأما إذا كان جثة، -المبتدأ جثة- والخبر ظرف زمان قال الناظم:

وَلا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَاً عَنْ جُثَّةٍ، لا يقع؛ لعدم الفائدة، زيد اليوم ما يصح، زيد: هذا جثة، واليوم: هذا اسم زمان، هل هو مثل الصوم اليوم؟ لا، الصوم اليوم أفاد، والأصل في التركيب حصول الفائدة، فمتى ما حصلت الفائدة صح التركيب، وأما زيد اليوم نقول: لم يحصل فيه فائدة، حينئذٍ يمتنع أن يُخبر باسم الزمان عن الجثة، لماذا؟ لأن الغالب أنه لا يفيد.

إذاً وَلا يَكُونُ هذا نفي أراد به النهي؛ لئلا يستخدم هذا التركيب وَلا يَكُونُ اسْمُ زَمَانٍ خَبَرَاً عَنْ جُثَّةٍ، اسْمُ زَمَانٍ اسْمُ: هذا اسم يكون، وخَبَرَاً هذا خبر يكون وعَنْ جُثَّةٍ متعلق به، أي: جسم لعدم الفائدة، إذاً لا يخبر بالزمان عن الذات فلا يقال: زيد اليوم؛ لعدم الفائدة، سواء جئت به منصوباً أو مجروراً بفي، وما ورد حينئذٍ يكون مؤولاً على حذف مضاف.

وَإِنْ يُفِدْ فَأخْبِرَا، وَإِنْ يُفِدْ إن حصلت الفائدة به في بعض التراكيب وهي مخصوصة ولها ضابط حينئذٍ فَأخْبِرَا، فَأخْبِرَا هل هو على التأويل أو أخبرا بذات اللفظ؟ مذهب البصريين أنه إذا سمع اسم الزمان خبراً عن الجثة وجب التأويل على حذف مضاف، وكلام الناظم يحتمل هذا، ويحتمل أنه لا نحتاج إلى التأويل بل على الأصل؛ لأن العبرة بماذا؟ بحصول الفائدة، إن حصلت الفائدة صح الإخبار دون تأويل، وإن لم تحصل الفائدة حينئذٍ يمنع من أصله، ظرف المكان يقع خبراً عن الجثة زيد عندك، وعن المعنى القتال عندك.

وأما ظرف الزمان فيقع خبراً عن المعنى منصوباً أو مجروراً بفي هذا ظرف الزمان، يقع خبراً عن المعنى، منصوباً، أو مجروراً بفي، القتال يوم الجمعة، حصلت الفائدة، أو في يوم الجمعة جُرَّ في يوم الجمعة الجار والمجرور متعلق بمحذوف، ولا يقع خبراً عن الجثة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015