وبعض المركبات كذلك لا يصدق عليها أنها كلام، كالمركب الإضافي، والمركب المزجي، والتوصيفي، والإسنادي المسمى به، والإسنادي المقصود لغيره، فبقي معنا شيء واحد، هذه كلها خرجت بقوله: مفيد؛ لأنها وإن أفادت إلا أن إفادتها قاصرة، والذي يشترط في حد الكلام: أن يكون مفيداً فائدة تامة، وهذه الفائدة التامة إنما تكون بالتركيب، يعني: تستلزم التركيب، حينئذٍ إذا قيل: غلام زيد، وزيد .. وإن قام زيد .. والإنسان حيوان ناطق، ونحو ذلك، هل هذه مفيدة أم لا؟ نقول: نعم، مفيدة .. في نفسها مفيدة، زيد مفيد؛ لأنه علم، وأفاد الدلالة على ذات مشخصة مشاهدة في الخارج، إذاً: فيه فائدة، لكن هذه الفائدة فائدة جزئية ناقصة، بمعنى: أنها دون الفائدة المشترطة في حد الكلام.
وكذلك قولنا: غلام زيد، هذا مركب إضافي، وأفاد .. أفاد نسبة الغلام لزيد، غلام لزيد، حينئذٍ نقول: هذا فيه فائدة، لكن هذه الفائدة ليست تامة وإنما هي قاصرة، وقل كذلك في سائر الأنواع التي خرجت بقوله: مفيد.
حينئذٍ نقول: النحاة لهم حقيقة عرفية أو اصطلاح خاص في إطلاق لفظ المفيد، فإنما يعنون به: الفائدة التامة التي يحسن السكوت عليها من قبل المتكلم، بحيث لا يصير السامع منتظراً لشيء آخر انتظاراً تاماً، هذا مراد النحاة، فكل ما كان قاصراً عن هذه الفائدة ففائدته جزئية وناقصة، وهذه الفائدة التامة قد يعبر عنها بعض أرباب الحواشي بالفائدة الكلامية، حينئذٍ عندنا لفظان: فائدة تامة، وفائدة كلامية، معناهما واحد.
وأما الفائدة الجزئية، والفائدة الناقصة، والفائدة التركيبية، هذه دون الفائدة التامة، الفائدة التركيبية قد تجتمع مع التامة، وقد تكون أعم .. قد تكون معها وقد تكون أعم، إن قام زيد قمت .. نقول: هذا كلم وكلام؛ لأنه مؤلف من أكثر من ثلاث كلمات، وهو مفيد فائدة تامة، إذاً: هو كلم وكلام، هل هو مفيد فائدة تامة؟ نعم، يحسن السكوت عليها؟ نعم، إن قام زيد وسكت .. إن: حرف شرط يفيد التعليق، إن قام زيد .. قام زيد: فعل وفاعل، وهل جملة: قام زيد، مفيدة فائدةً تامة؟ الجواب: لا؛ لأنها وإن كانت مركباً إسنادياً إلا أنه مقصود لغيره.
بمعنى: أن هذه الفائدة .. لأنك تقول: قام زيد، هكذا ابتداءً، كلام أو لا؟ كلام، أفاد فائدة تامة أو لا؟ أفاد فائدة تامة، استقلالاً دون جعله جزء جملة هو مفيد فائدة تامة، لكن لما وضع في ضمن هذه الجملة الشرطية حينئذٍ نقصت الفائدة ونقصت الدلالة، فصار مكملاً لغيره ولا يستقل بالفائدة التي اشترطها النحاة.
حينئذٍ قام زيد، هل هو مفيد؟ نعم، مفيد لا شك، وفائدته في هذا التركيب تامة أم ناقصة؟ في هذا التركيب: إن قام زيد .. فائدته تامة أم ناقصة؟ ناقصة لماذا؟ لأنه جعل متمماً لغيره، وشرط الفائدة أن تكون مستقلةً بذاتها، فإن جعلت الجملة مكملةً لغيرها كجملة الشرط أو الجواب أو الخبر أو الصلة أو الحال أو القسم نقصت دلالتها، وصارت فائدتها فائدة ناقصة ليست بفائدة تامة.