* شرح مختصر لحد الكلام مع بعض الإضافات.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى:
الكلام وما يتألف منه:
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كاسْتَقِمْ ... وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ
أراد أن يبين في هذا الباب أمرين اثنين، عنون لهما بقوله: الكلام وما يتألف منه، الكلام: عرفنا حقيقته في لغة العرب: أنه القول وما كان مكتفياً بنفسه، والكلام الاصطلاحي عرفه بقوله: لفظ مفيد.
وما يتألف منه: الضمير في يتألف: فاعل يعود إلى الكلام، والأصل فيه أنه يعود إلى أقرب مذكور، ولذلك يقال فيه: أنه جرى على غير ما هو له، وسيأتي أن مذهب البصريين وجوب الإبراز:
وأبرزنه مطلقاً حيث تلا ..
وأما عند الكوفيين: إن أمن اللبس حينئذٍ جاز عدم الإبراز، وإلا فالأصل أنه موافق للبصريين.
وما يتألف: وما: اسم موصول بمعنى: الذي يصدق على الأشياء .. التي يتألف، والمراد بالأشياء هنا: الاسم والفعل والحرف، لأن الكلام لا يخرج عند التركيب عن هذه الثلاثة الأمور، وهي أقسام للكلمة.
منه: الضمير هنا يعود إلى: ما، وقلنا: لفظ ما: مذكر، ومعناها مؤنث، فيجوز فيه الأمران، نقول: وما يتألف منه .. وما يتألف منها.
كَلامُنَا: قلنا: بالإضافة هنا أراد ماذا؟ أراد أن يبين أن الكلام له حقيقتان: حقيقة لغوية، وحقيقة اصطلاحية، ولذلك قال ابن عقيل: وإنما قال المصنف: كلامنا، ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين لا في اصطلاح اللغويين، وهو في اللغة: اسم لكل ما يتكلم به مفيداً كان أو غير مفيد، وهذا يؤكد ما ذكرناه اليوم من أن الإضافة هنا ليست للاحتراز عند كلام الصرفيين أو كلام المناطقة والأصوليين، أو نحو ذلك، وإنما المراد التمييز عن اصطلاح اللغويين باصطلاح النحاة، فبينهما فرق كما ذكرنا.
كَلامُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ، يعني: ما اشتمل على أمرين: كونه لفظاً، وكونه مفيداً.
واللفظ كما ذكرنا: جنس هنا اشتمل على أمرين: المهمل، والمستعمل، وأخرج به الدوال الأربع وما كان من جنسها، فحينئذٍ اشتمل أخرج وأدخل، وهذا شأن الجنس: أنه يدخل ويخرج.
ثم تأتي الفصول بعد ذلك، فصل أو فصلان يخرج به من الجنس ما قد دخل فيه وليس داخلاً في المحدود، حينئذٍ هل المهمل داخل في حد الكلام؟ الجواب: لا، احتجنا إلى إخراجه بقوله: مفيد، وهل المفرد المستعمل .. هل هو داخل في حد الكلام ويصدق عليه أنه كلام؟ الجواب: لا، إذاً: نحتاج إلى إخراجه، فقال: مفيد.