إن رفع ضميراً مستتراً خرج من الباب، ليس داخلاً معنا، ولذلك: ما زيد قائم ولا قاعد، قاعد هذا سبقه نفي؛ لأنه معطوف على ما قبله، ما زيد قائم ولا قاعد، نقول: قاعد هذا سبقه نفي وهو وصف، اسم فاعل. ورفع ضميراً مستتراً هل يصح أن نقول: قاعد هذا مبتدأ، والفاعل الضمير المستتر الذي رفعه فاعل أغنى وسد مسد الخبر؟ الجواب: لا؛ لأن من شرط إعمال اسم الفاعل على أنه مبتدأ ويرفع فاعلاً سد مسد الخبر: أن يكون رافعاً لشيء محسوس، وهو إما أن يكون اسماً ظاهراً وإما أن يكون ضميراً بارزاً، فإن لم يكن كذلك حينئذٍ لا يصح أن يكون مبتدأً ولا فاعلاً سد مسد الخبر.

ورفع فاعلاً ظاهراً أو ضميراً منفصلاً، نحو: أقائم أنتما. ومنع الكوفيون أن يكون هذا التركيب مما يكون الوصف فيه مبتدأً، وأنتما: هذا قائم مقام الخبر.

وتم الكلام به، بمعنى ماذا؟ أنه يشترط أن تحصل الفائدة بذكر مرفوع الوصف، فإن لم تحصل الفائدة حينئذٍ لم يغن عن الخبر؛ لأنه كما سيأتي:

وَالْخَبَرُ الْجُزْءُ الْمُتِمُّ الفَائِدَهْ

فصارت الفائدة التامة بوجود الخبر، تجوَّزنا بأن هذا الفاعل سد مسد الخبر إذاً: لا بد أن يؤدي وظيفة الخبر، فإن نقص حينئذٍ لا يصلح أن يكون نائباً عنه، لا يصلح أن يكون ساداً مسد الخبر بل لا بد من تصحيح الكلام.

وتم الكلام به شرطه: أن يكون كافياً أي: مغنياً عن الخبر، ليخرج نحو: أقائم أبواه زيد، فإن الفاعل فيه غير مغن ولا يحسن السكوت عليه، فزيد: مبتدأ، وقائم: خبر مقدم. أقائم أبواه زيد، وحينئذٍ نقول: أقائم أبواه، أين مرجع الضمير؟ زيد. إذاً ما تم الكلام بقوله: أبواه. ماذا نصنع؟ لا نقل: أقائم هذا وصف ومبتدأ وأبواه فاعل، نقول: لا، زيد مبتدأ مؤخر، وقائم خبر مقدم. وأبواه؟ فاعل، كيف نقول فاعل ولم يسد مسد الخبر؟ عندنا مسألتان: إعمال اسم الفاعل على أن يرفع فاعل وينصب مفعول، هذه مسألة مستقلة ليس بحثنا فيها. عندنا مسألة ثانية وهي أخص من مطلق إعمال اسم الفاعل، ليس البحث في إعمال اسم الفاعل لا. اسم الفاعل يرفع فاعلاً وينصب مفعولاً، ثم قد يكون هذا الفاعل الذي رفعه قد يكون فاعلاً سد مسد الخبر وقد لا يصلح أن يكون.

إذاً: أقائم أبواه زيد نقول: أقائم أبواه، لم يحصل الاكتفاء هنا بهذا الفاعل، هو فاعل لكنه لا يكون ساداً مسد الخبر، لماذا؟ لكونه لم يستغن به عن غيره، فتمم الكلام بقوله: زيد، حينئذٍ زيد: هذا مبتدأ مؤخر، وقائم أبواه: خبر مقدم. قائم خبر، وأبواه فاعل للوصف.

إذاً: وتم الكلام به شرطه أن يكون كافياً أي: مغنياً عن الخبر، ليخرج نحو: أقائم أبواه زيد، وحينئذٍ التركيب لا يصلح أن يكون مما ذكرناه.

إذاً بهذه الشرط الثلاثة: كل وصف اعتمد على استفهام أو نفي ورفع فاعلاً ظاهراً أو ضميراً منفصلاً وتم الكلام به حينئذٍ نقول فيها باجتماع هذه الشروط الثلاثة: يصح أن يكون الوصف مبتدأً ومرفوعه فاعلاً سد مسد الخبر، وهذه كلها موجودة في قوله: سَارٍ ذَانِ، أشار إليها بقوله: أَسَارٍ: الهمزة للاستفهام، وسَارٍ: هذا مبتدأ. أعربناه مبتدأً لأنه وصف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015