فهذا ليس بشرط عند المصنف، وإنما هو شرط عند جمهور البصريين: أنه لا يرفع فاعلاً يسد مسد الخبر ولا يكون الوصف مبتدأ إلا إذا اعتمد على نفي أو استفهام، وأما عند ابن مالك فلا، وشرطه ابن مالك استحساناً لا وجوباً، فأجازه دونه بقبح، يعني لُغَيَّ، في لُغَيَّةٍ يقال فيها: فَائِزٌ أُولُو الرَّشَدْ، سَارٍ ذَانِ، على أن سار هو مبتدأ، وذان: فاعل سد مسد الخبر، هنا لم يعتمد على نفي ولا استفهام، نقول: هذا شرطه ابن مالك استحساناً لا وجوباً، فعلى كلامه لا يجب أن يكون الوصف معتمداً عل نفي أو استفهام، ولكن على المشهور عند الجماهير أنه لا يرفع فاعلاً يسد مسد الخبر ويكون مبتدأً إلا إذا اعتمد يعني اتكأ وتقدمه نفي أو استفهام.
إذاً: كل وصف اعتمد على استفهام أو نفي بأي أدوات الاستفهام سواء كانت حرفاً أو اسماً، وبأي أدوات النفي سواء كان حرفاً أم اسماً أم فعلاً، وحينئذٍ يكون ما بعده رافعاً لمكتفىً به عن طلب الخبر، وهذا الشرط -وهو شرط الاعتماد على الاستفهام أو النفي- إنما هو عند البصريين، وأما الكوفيون فلا، وهو الذي مال إليه المصنف بقوله:
وَقَدْ ... يَجُوزُ نَحْوُ فَائِزٌ أُولُو الرَّشَدْ
كل وصف اعتمد على استفهام أو نفي. قلنا: الاستفهام هذا عام يشمل الحرف، كما في قولك: أقائم الزيدان. وكذلك الاسم، كما في قولك: كيف جالس العمران. وكذلك النفي يعم الحرف: ما قائم الزيدان، ويعم الفعل: ليس قائم الزيدان، ويعم الاسم: غير قائم الزيدان، فهو عام كما سيأتي.
إذاً: اعتمد على استفهام أو نفي، أقائم الزيدان نقول: قائم هذا وصف واعتمد على استفهام وهو حرف، يعني اتكأ على استفهام، سبقه استفهام، هذا المراد بالاعتماد.
لم يسمع إلا في الهمزة وما وقيس عليهما البواقي، وقصره عليهما أبو حيان.
الاستفهام الأصل فيه أن يكون بالهمزة، والنفي الأصل أن يكون بـ (ما) النافية، الذي سمع في لسان العرب أنه مبتدأ ورفع فاعلاً سد مسد الخبر هو ما جاء بالاستفهام بالهمزة فحسب، وما جاء في النفي بـ (ما) النافية فحسب، قيس عليهما البواقي. فاسم الاستفهام قيس على همزة الاستفهام، والفعل في النفي والاسم في النفي قيس على (ما) النافية، ولذلك قصره أبو حيان على الاستفهام بالهمزة و (ما) النافية فحسب، وما عداه لا يكون وصفاً رافعاً لمكتفى به.
أقائم الزيدان وما قائمون الزيدان، فإن لم يعتمد الوصف على نفي أو استفهام حينئذٍ نقول: لا يعرب الوصف مبتدأً ولا يكون الذي يليه فاعلاً سد مسد الخبر.
الشرط الثاني: أن يكون رافعاً لفاعل. أن يكون رافعاً، والوصف إذا اعتمد على الاستفهام إما أن يرفع ضميراً مستتراً وإما أن يرفع فاعلاً ظاهراً، وإما أن يرفع ضميراً بارزاً. أحوال ثلاثة.