الاسم يشمل ماذا؟ إذاً أخرج الفعل والحرف، وأدخل الاسم بنوعيه: الاسم الصريح والمؤول بالصريح، الاسم الصريح هو الذي لا يحتاج في جعله مبتدأً إلى تأويل، مباشرة تلفظ به، زيد نطقت به، زيد أخوك، زيد كريم، فزيد هذا اسم صريح، يعني نطق به وهو اسم ظاهر.
وأما المؤول بالصريح؛ فهو ما دخلت عليه (أن) بأن يكون ثَمَّ مضارع وتدخل عليه (أن) فحينئذٍ نقول: (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر، وهذا المصدر قد يقع مبتدأ، وقد يقع فاعلاً، وقد يقع خبراً؛ فإذا كان واقعاً مبتدأً حينئذٍ صار اسماً مؤولاً بالصريح، يعني هو في نفسه في لفظه ليس باسم فضلاً عن أن يكون اسماً صريحاً، ولكن بالتأويل بأن جعل مكان (أن) وما دخلت عليه مصدر وهذا المراد بالسبك؛ حينئذٍ قلنا: هو مبتدأ.،مثاله قوله تعالى: ((وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)) [البقرة:184] وأن تصوموا قلنا: هذا مبتدأ، لماذا؛ لأنه وجد الخبر وهو: (خَيْرٌ لَكُمْ) فلما وجد (خَيْرٌ لَكُمْ) عرفنا أن قوله: ((وَأَنْ تَصُومُوا)) [البقرة:184] مبتدأ، وإلا لا نجرأ أن نقول: (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر هكذا مباشرة، بل أولاً: إذا كان التركيب فيه خبر محكوم به والخبر لا يصلح أن يكون إلا لمبتدئ فحينئذٍ نبحث عن المبتدأ، ولذلك أشكل عليهم قوله في المثل المشهور: (تَسْمَعُ بالمَعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ).
((وَأَنْ تَصُومُوا)) [البقرة:184] هذا لا إشكال فيه، (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ، لكن: (تَسْمَعُ بالمَعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ).قلنا: هذا فيه ثلاث روايات: تسمعُ تسمعَ أن تسمعَ، والإشكال في: تسمعُ خيرٌ، خيرٌ هذا خبر، كيف خبر وهو فعل مضارع مرفوع ورفعه ضمة ظاهرة على آخره؟ قلنا: هذا تأويل باستعانة بالروايات الأخرى حينئذٍ نظرنا فإذا (أن) أصلها داخلة عليه ثم حذفت ورفع الفعل، وإن كان شاذاً؛ إلا أنه في تأويل مصدر سماعك خير، سماعك بالمَعِيدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، ولذلك سوغ حذفها من الأول وجودها في الثاني.
إذاً: إذا وجد خبر محكوم به في الكلام وثَمَّ فعل وهذا الفعل دخلت عليه (أن) المصدرية وفي ظاهر الكلام أنه محكوم عليه ولا يحكم إلا على الأسماء، وإذا حكم على الاسم دل على أنه مبتدأ ومخبر عنه بالخبر، وجب حينئذٍ تأويل ذلك الفعل (أن) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مبتدأ. ((وَأَنْ تَصُومُوا)) [البقرة:184] أي: صيامكم أو صومكم خير لكم.