وهو معمول للابتداء، فهو عامل ومعمول، والفاعل الأصل فيه أنه معمول فحسب، والفاعل معمول ليس غيره.

وقيل: الفاعل أصل، الفاعل هو الأصل في المرفوعات؛ لأن عامله لفظي، قام زيد، زيد: هذا مرفوع، ورفعه بالفعل، والفعل لفظي وهو الأصل في العمل، العمل وهو الأصل في الأفعال، وهو أقوى، وعامل المبتدأ معنوي فهو أضعف، وهو أضعف.

على كلٍ؛ هل ينبني على هذا الخلاف ثمرة؟ الجواب: لا. الخلاف في هذه المسألة مما لا طائل تحته، إلا اللهم من جهة الإعراب؛ وهو أنه إذا جاء لفظ مرفوع يحتمل أنه مبتدأ تقدر له خبراً محذوفاً، ويحتمل أنه فاعل لفعل محذوف، إن قلت: الأصل هو المبتدأ حينئذٍ جعلته خبراً لمبتدئٍ محذوف، وإن كان الأصل هو الفاعل حينئذٍ قدرت له فعلاً محذوفاً، أما من جهة ما يتعلق بالمعاني فلا.

الابتداء، قال رحمه الله: الابتداء. لم يقل المبتدأ وإن كان هو يريد المبتدأ، وحينئذٍ الابتداء هذا أمر معنوي، هل يريد العامل الذي هو يعمل في المبتدأ، أم يريد من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول الذي هو المبتدأ به؟ يحتمل هذا ويحتمل ذاك، لكن قيل: قال الابتداء ولم يقل المبتدأ؛ لأن الابتداء يستدعي مبتدأً، لأنه إذا قيل ابتداء عامل، يعمل في ماذا؟ لا يعمل إلا في مبتدأٍ، إذا هو لزم منه مبتدأ، والمبتدأ يستدعي ماذا؟ يستدعي خبراً.

إذاً: بإطلاق لفظ الابتداء استدعى مبتدأً، والمبتدأ يستدعي خبراً؛ لأن الابتداء يستدعي مبتدأً وهو يستدعي خبراً، أو ما يسد مسده غالباً، فأطلق الابتداء وأراد ما يلزمه مباشرة وهو المبتدأ، أو بواسطة وهو الخبر.

"الابْتِدَاء": المبتدأ يقال: المبتدأ به، هذا هو الأصل فيه، مبتدأ به؛ لأنه اسم مفعول، فإذا كان كذلك حينئذٍ أين ذهب الضمير؟ قالوا: هذا من باب الحذف والإيصال، يعني حذف حرف الجر واتصل الضمير، يعني استكن اتصل باسم المفعول فصار مبتدأً، أي: مبتدأً به.

المبتدأ له حدود، من أشملها وأحسنها أن يقال: هو الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير المزيدة أو الزائدة مخبراً عنه أو وصفاً رافعاً لمستغنىً به، الاسم العاري عن العوامل اللفظية غير المزيدة، وزاد بعضهم: أو شبهها لإخراج رُبَّ، مخبراً عنه أو وصفاً رافعاً لمستغنى به.

قوله: الاسم هذا جنس أدخل وأخرج، أخرج ماذا؟ أخرج الفعل، فلا يكون الفعل مبتدأً من حيث معناه، وأخرج الحرف فلا يكون الحرف مبتدأً من حيث معناه.

إذاً: المبتدأ خاص بالأسماء، فلا يكون مبتدأ إلا وهو اسم، وقلنا: الفعل لا يكون مبتدأ إذا قصد معناه، وأما إذا قصد لفظه فحينئذٍ جاز أن يكون مبتدأً، كما في قولنا: ضرب فعل ماض، وضرب هذا فعل في الأصل إذا اعتبر معناه، وأما إذا اعتبر لفظه فهو اسم، صار مبتدأً وأخبر عنه بقولنا: فعل ماض.

كذلك الحرف إذا قصد معناه نقول: هذا حرف، ولكن يكون ذلك في التركيب، وإذا قصد لفظه حينئذٍ صار علماً وصار مبتدأً إذا أسند إليه خبر.

إذاً: الاسم أخرج الفعل والحرف إذا قصد معناهما، وأما إذا قصد لفظهما فحينئذٍ هما اسمان فيدخلان في الحد معنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015