حينئذٍ ذكر (ذا) (أل) التي للمح الصفة وحذفها باعتبار التعريف سيان، لا فرق بينهما، وأما باعتبار لمح الوصف، المعنى الذي دلت عليه حينئذٍ نقول: لا، ثَم فرق بينهما، فذكر (أل) له معنى قد لا يدل عليه حذفها.
فَذِكْرُ (ذَا) أي: (أل)، والمعنى أنه سيانِ، أي: لا يفيد تعريفاً، هكذا نفسر كلام الناظم، وهذا هو الظاهر، ولا نتحامل عليه.
أنه (سيانِ) أي: لا يفيد تعريفاً سواء ذُكرت (أل) أم لا، أما من ناحية المعنى ففيها معنى وهو: ملاحظة الأصل، وإنما المنفي هنا هو التعريف، وليس المعنى الذي دلت عليه (أل) السابقة. فذكر (ذا) (أل)، وحذفه (أل)؛ سيانِ بالنسبة للتعريف لا مطلقاً.
وَقَدْ يَصِيرُ عَلَماً بِالْغَلَبَهْ ... مُضَافٌ اوْ مَصْحُوبُ أَلْ كَالعَقَبَةْ
وَحَذْفَ أَلْ ذِي إِن تُنَادِ أَو تُضِفْ ... أَوْجِبْ وَفِي غَيْرِهِمَا قَدْ تَنْحَذِفْ
هذا المراد به العلم بالغلبة، ولذلك ابن هشام رحمه الله تعالى قال: الأصل أن يوضع هذا في باب العلم، فيقال: العلمُ قسمانِ: علمٌ بالوضع، وعلم بالغَلَبة، حينئذٍ وضعه هنا من باب الاستطراد.
(وَقَدْ يَصِيرُ عَلَماً بِالْغَلَبَهْ) (قد) يصير، (قد) هذه للتقليل، أو التحقيق، يحتمل هذا ويحتمل ذاك، لكن العلم بالغلبة بالنسبة للموضوع قليل، وإن كان في نفسه قد يكون كثيراً، فالقلِّة والكثرة قد تكون نسبية.
(وَقَدْ يَصِيرُ مُضَافٌ عَلَماً بِالْغَلَبَهْ) مضاف هذا ما إعرابه؟ يَصِيرُ: هذا فعل مضارع من صارَ، وصارَ: أخت كان، فتعمل عملها، فحينئذٍ ترفع المبتدأ على أنه اسم لها، وتنصب الخبر على أنه خبر لها.
(وَقَدْ يَصِيرُ مُضَافٌ عَلَماً) (علماً) هذا خبر (يَصِيرُ) مقدَّم، و (مُضَافٌ) هذا: اسمها.
(وَقَدْ يَصِيرُ) مفهومه أن العلمية طرأت عليه، أليس كذلك؟ مفهومه قَدْ يَصِيرُ، إذاً قبل ذلك ليس علماً بالغلبة، إذاً العلمية طارئة عليه، وهذا مأخوذ من الفهم.
(وَقَدْ يَصِيرُ عَلَماً) على بعض مسمَّياته (مُضَافٌ).
وَقَدْ يَصِيرُ عَلَماً بِالْغَلَبَهْ، هذا جار ومجرور متعلق بـ (يصير) علماً، (يصير علماً بالغلبة) أي: أن يغلب اللفظ على بعض أفراد ما وضع له، وإن شئت قل: ذو الغلبة: كل اسمٍ اشتهر به بعض أفراد معناه، كذا عرَّفه المَكُوْدِي.
كل اسم اشتهر به بعض أفراد معناه، حينئذٍ اللفظ في أصل وضعه يكون عامّاً يصدق على أفرادٍ متعددة، فإذا اشتَهر ببعض الأفراد دون بعض صار علماً بالغلبة، كل اسم اشتهر به بعض أفراد معناه، ابن عمرَ، ابن عمر هذا لا يصدق على عبد الله فحسب، كل من كان ابناً لعُمَر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فيصْدُق عليه، نقول: هذا ابن عُمَر، وهذا ابنُ عُمَر، وهذا ابن عمر، إذاً هو صادق على الكُل على الجميع، لكنه اشتهر في البعض بحيث إذا أطلق انصرف إلى عبد الله، فإذا قيل: ابن عمر .. قال: ابن عمر؛ تقول: ابن عمر من هذا؟ المراد به عبد الله بن عمر، إذاً صار لفظ ابن عمر - وهو مضاف- صار علماً بالغلبة، ما وجهه؟ نقول: كونه مضافاً إلى ما بعده، وهو اسمٌ في أصل وضعه؛ بالنظر إلى الوضع اللغوي الفصيح، نقول: يصدق على كل مفرداته، لكنه اشتهر في بعض الأفراد.