وأكثر ما يكون أو وقوع ذلك في المنقول عن صفةٍ، كحارثٍ، وقاسم، وعباس، وضحَّاك، أو من مصدرٍ: كفضلٍ، أو اسم عين كنعمان، فإنه في الأصل اسمٌ للدَّم، والباب كله سماعي، الباب هذا كله سماعي، فلا يجوز في محمد، وصالح، ولم تقع في نحو يزيد، ويشكر؛ لأن أصله الفعل لا يقبل (أل).
ولذلك نقول في الأعلام المنقولة مما يقبل (أل)، فلو نُقِلَت الجملة الفعلية، أو الفعل وسمِّي به أحمد هل يجوز دخول (أل) التي للمح الصفة تقول: جاء الأحمد؟ لا يصلح هذا، حينئذٍ نقول: يشترط في العلم المنقول أن يصح دخول (أل) عليه قبل العلمية، وقبل العلمية أحمد ويشكر ويزيد، لا يصح دخول (أل) عليه، أما عبَّاس وفضل وحارث الأصل أنها أسماء، ويجوز دخول (أل) عليها ولو لم تكن أعلام، فلما نقلت إلى العلمية، وأُريد الإشارة إلى المعنى السابق حينئذٍ دخلت عليه (أل).
(وَبَعْضُ الأعْلاَمِ) إذاً بعضها والمراد بها الإعلام المنقولة، فخرج غير المنقول كسعاد، وأُدَد، لا يقال: السعاد، ولا الأُدَد، لماذا؟ لكون (أل) لا تدخل إلا للمح الصفة، وهذا ليس فيه صفة أصلاً، ليس منقولاً.
والمنقول عما لا يقبل (أل) كـ (يزيد) و (يشكر).
(وَبَعْضُ الأعْلاَمِ) منقولة فلا يكون في المرتجلة.
دَخَلاَ عليه، دخل: هذه الجملة خبر قلنا، لِلَمْحِ: جار ومجرور متعلق بقوله دخل، (مَا): لِلَمْحِ مَا: أي الوصف، أو المعنى، (قَدْ كَانَ) ذلك البعض؛ الأعلام المنقولة، (نُقِلاَ) عَنْهُ في السابق كَالفَضْلِ، وذلك كَالفَضْلِ مصدر، والفضل المراد به الزيادة، حينئذٍ إذا سُمِّي فضلٌ وقيل: الفضل، جاء الفضل الذي عنده الزيادة والبركة في الكلام والعلم ونحو ذلك فلا بأس، وَالْحَارِثِ: هذا صفة، وَالنُّعْمَانِ: اسم عين.
فَذِكْرُ ذَا وَحَذْفُهُ سِيَّانِ
فَذِكْرُ ذَا: أي (أل) التي هي للمح الصفة، يقول ابن مالك: ذكره وحذفه سيان، هل يسلَّم له بأنهما بمعنى واحد، يستوي الحذف والذكر، هل يستويان الحذفُ والذكر؟ نقول: نعم، ولا.
أما باعتبار التعريف فهما سيان؛ لأن عباس والعباس كلاهما علمٌ، وهل (أل) أثرت العلمية؟ لا، هل أثرت التعريف؟ لا، إذاً عباس قبل (أل) والعباس بعد (أل) من حيث التعريف لا فرق بين ذكر (أل) وحذفها.
وأما باعتبار المعنى ولمح الصفة التي نقل عنها اللفظ: هل هما سِيَّان؟ الجواب: لا، إذاً ليس حذفها كذكرها، ولذلك اعترض على الناظم، ولكن مراد الناظم والله أعلم هو المعنى الأول، لأنه يتكلم عن (أل) المُعرفة؛ لذلك قال: (أل) حَرْفُ تَعْرِيْفٍ، وصَدَّر الباب بماذا؟ قال: المُعرَّف بأداة التعريف، حينئذٍ لا اعتراض على الناظم؛ لأنه قال: أن (أل) قد تكون حرف تعريف، وقد تكون زائدةً، والزائدة قد تكون لازِمة، وقد تكون غير لازِمة، وغير اللازمة قد تكون لاضطرار، وقد تكون لغير اضطرار كما هو في لَمْحِ الصفة؛ لأنه لست مُضطراً إليه، إن شئت قلت: عباس أو العباس، ولك أن تعبر عن المعنى الآخر بجملة مركبة لا تدل عليها (أل).