وكلام المصنف يقتضي أنه كثير، يعني: الحذف بالوصف كثير؛ لأنه قرنه بالفعل قال: بِفِعْلٍ أوْ وَصْفٍ: لم يقيِّد بأن الأول كثير والثاني قليل، وسوّى بينهما، وهذا محل اعتراض على المصنف، بل الكثير حذفه من الفعل، وأما مع الوصف فالحذف منه قليل، والناظم هنا سوَّى بينهما، ولعلّه إنّما لم ينبّه عليه للعلم بأصالة الفعل في ذلك، وفرعية الوصف فيه، مع إرشاده إلى ذلك بتقديم الفعل وتأخير الوصف.
يعني: يمكن أن يُجاب عن الناظم بأنه قدَّم الفعل، وأخّر الوصف، ومعلوم أن الشيء المقدم هو أكثر، وهو أهمّ وهو أصلٌ في العمل، وما بعده -وهو الوصف- متأخر عنه؛ لأن عمل الوصف فرعٌ عن عمل الفعل، فالأصل في العملِ للأفعال، والأسماءُ مشتقة وغيرُها إن عملت حينئذٍ يكون من باب الفرع، فالتقديمُ هنا مُراد.
إذاً ظاهر كلامِه التسويةُ بين الوصف الذي هو غير صلةِ (أل)، والذي هو صلتُها، ومذهب الجمهور أن منصوبَ صلةِ (أل) لا يجوز حذفه كما ذكرناه سابقاً، إذا كان منصوباً بصلة (أل) فهذا مستثنى مما ذكره الناظم، والجمهورُ على هذا، يعني: لا يصح أن يقول: جاء الذي أنا الضَّاربُه؛ بحذف الهاء، هذا مستثنى؛ لماذا؟ لأن المنصوب هنا منصوبٌ بصلة (أل)، والناظمُ أطلقَه، وحينئذٍ يَدخل في كلامه.
إذاً ما ذكره الناظم هنا من حذف العائد: إما أن يكون مرفوعاً، وإما أن يكون منصوباً، فإن كان مرفوعاً؛ حينئذٍ جاز حذفه بشرطين:
الأول: أن يكون مبتدأً، فإن كان فاعلاً، أو نائب فاعل امتنع.
ثانياً: أن يكون الخبر مفرداً، فإن كان جملة ونحوها قلنا: امتنع.
مُطلقاً في (أيٍّ) وغيرها؟ في غير (أيٍّ) يشترط استطالة الصلة، وأما في (أيٍّ) فلا يشترط استطالة الصلة، يعني: لابد من التفصيل في غير (أيٍّ)، إن كانت الصلة طويلة حينئذٍ صار الحذف قياساً، وإن كانت قصيرة حينئذٍ امتنع، أو كان الحذفُ نَزْر كما قال الناظم، وأجازه الكوفيون قياساً.
إِنْ صَلُحَ الْبَاقِي لِوَصْلٍ مُكْمِلِ: نقول هذا قيد يُفسِّر الشرطَين الماضييَن، وهو: أنّ ما حذف إن بقي بعده ما يصلح أن يكون جملة للصلة، أو شبه جملة؛ امتنع الحذف مطلقاً، سواء كان العائِدُ مرفوعاً، أو منصوباً، أو مخفوضاً، ثم ذكَر العائد المنصوب بأنه يجوز حذفُه، بل هو كثير مُنْجلي لكن بشرطَين:
الأول: أن يكونَ الضمير متصلاً؛ احترازاً من المُنفصل، الثاني: أن يكون منصوباً بعاملٍ هو فعل تامّ على ظاهر اللفظ، أو وصفٍ، وهذا الوصف مُشتَرطٌ فيه أن يكون بمعنى الحال، أو الاستقبال.