أي لفظ يوجد من الفضلات قلنا: هذه الصلة طويلة، ما أنا بالذي قائلٌ لك سوءاً، يعني: بالذي هو قائل لك سوءاً، حينئذٍ جاز الحذف لطول الصلة، كذلك: جاء الذي هو ضاربٌ زيداً، جاء الذي ضاربٌ زيداً، نقول: هذا الذي بقي في قوة المفرد حينئذٍ هو خبر لمبتدئٍ محذوف، جاء الذي هو ضاربٌ زيداً.
إذاً في هذه المُثُل حُذف صدر الصلة مع غير (أيٍّ) بشرط استطالتها، بأن تكون طويلة، ما معنى طويلة؟ أن يُذكر شيء مع المبتدئ والخبر المفرد، يعني من جار ومجرور أو ظرف أو منصوب أو حال أو تمييز ... الخ، فإن لم يذكر إلا المبتدأ والخبر حينئذٍ نقول هذه ليست بطويلة، فإن كان كذلك مع غير (أيٍّ) قال:
وَإنْ لَمْ يُسْتَطَلْ فَالْحَذْفُ نَزْرٌ –قليل- لا يقاس عليه عند البصريين وهو مَقيس عند الكوفيين.
وَإنْ لَمْ يُسْتَطَلْ وصلٌ: بمعنى أن كانت جملة الصلة قصيرة، مؤلفة من المبتدئ والخبر المفرد حينئذٍ في غير أَيٍّ نقول: الْحَذْفُ نَزْرٌ –قليل- وإذا عُبِّر في مثل هذه التراكيب بأنه قليل ونزر، فالأصل فيه عدم القياس عليه، يعني: يُسمع ويُحفظ ولا يُقاس عليه.
وَفِي ذَا الْحَذْفِ أَيَّاً غَيْرُ أيٍّ يَقْتَفي
إنْ يُستَطَلْ وَصْلٌ: يعني: أن تكون الصلة طويلة،
وَإنْ لَمْ يُسْتَطَلْ –الوصل- فَالْحَذْفُ -للعائد- نَزْرٌ: أي قليل، نحو: قول الشاعر:
مَنْ يُعْنَ بالحَمْدِ لم يَنْطِقْ بما سَفَهٌ: بما سَفَهٌ يعني: بما هو سفه، فسفه هذا خبر مبتدئٍ محذوف تقديره هو، وهنا الموصول (ما)، فإذا كان الموصول (ما) حينئذٍ الأصل أنه لا تحذف صدر الصلة إلا إذا كانت الصلة طويلة، وهنا ليست بطويلة (سفه)، هو سفه هذه ليست بطويلة، فالأصل عدم الحذف، عدم الجواز، وإن أجازه الكوفيون.
إذاً فالحذف للعائد المرفوع إذا كان مبتدأً وكانت الجملة الصلة قصيرة وليست بطويلة نزرٌ: أي قليل، كما ذكرناه، لا يُقاس عليه، وأجازه الكوفيون احتجاجاً بقراءة: {تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنُ} [الأنعام:154]، أي: هو أحسنُ، وإذا ورد مثل هذا فالأصل فيه الجواز.
إذاً قوله: إِنْ يُستَطَلْ وَصْلٌ وَإشنْ لَمْ يُسْتَطَلْ، هذا التفصيل في كون صدر الصلة يجوز حذفه قياساً أو لا يجوز حذفه قياساً، ليس هو على ظاهر النظم من أن (أيّ) مثل بقية الموصولات بل هذا التفصيل في غير (أيٍّ) فحسب، وأما (أيٌّ) نفسها فهذه لا يفرق بين طول الصلة ولا غيرها، فحينئذٍ الحذف -حذف صدر الصلة من (أَيٍّ) - نقول: يجوز مطلقاً، سواء كانت الصلة طويلة أم لا، وأما ما عدا (أَيٍّ) فحينئذٍ نقول: هذه لابد من التفصيل.
إنْ يُستَطَلْ وَصْلٌ وَإِنْ لَمْ يُسْتَطَلْ فَالْحَذْفُ نَزْرٌ، هذا التفصيل ليس عائداً إلى (أَيٍّ)، وإنما عائدٌ إلى غير (أَيٍّ)، ولذلك فيه إيهام.
وَفِي ذَا الْحَذْفِ أَيَّاً غَيْرُ أيٍّ يَقْتَفي: غَيْرُ أيٍّ -من بقية الموصولات- يقتفي (أَيَّاً)، أي يتبعها في جواز حذف صدر الصلة لكن بشرطٍ وهو أن تكون الصلة طويلة، فإن لم تكن طويلة، فالأصل عدم الحذف وأجازه الكوفيون.