إذاً: كل من الطلب والإنشاء نقول: هذا ليس له خارج يدل اللفظ عليه حين التكلم. ليس له خارج، بخلاف الخبرية له خارج، يعني له شيء وقع وحصل، وأما الإنشائية والطلبية ليس له مدلوله لم يقع بعد، حينئذٍ: ما وقع مدلوله هو الذي يحصل به التعريف، وما لم يقع -وهي الإنشائية والطلبية- هذه لا يحصل بها التعريف، يعني تعريف الموصول.

إذاً: خبرية لا إنشائية، وحينئذٍ الطلب والإنشاء نقول: هذا خرج؛ لأنه ليس له خارج يدل اللفظ عليه حين التكلم، وإنما يحصل خارجه عقيب الكلام بعده، وعليه فلا يكونا معهودين للمخاطب، وإنما يكون الشيء معهوداً للمخاطب إذا علمه قبل الكلام، وأما مع الكلام أو بعده انتفى عنه الشرط الأول وهو: كونها عهدية.

واستُثني جملة القسم، فهي إنشائية، وصح وقوعها صلة: ((وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ)) [النساء:72] قالوا: هذه مستثناة، هي محل نزاع القسمية، لكن الكثير وصححه السيوطي في جمع الجوامع أنه يصح أن تقع صلة.

وقيل: الصلة هي جملة جواب القسم وهي خبرية فلا استثناء.

إذاً: يشترط أن تكون خبرية لفظاً ومعنى، احترازاً من الطلبية والإنشائية، فلا يجوز: جاءني الذي اضربه، من هو هذا الذي اضربه؟ هذا في المستقبل ما يعرفه، كيف تعرف (الذي) بقولك: اضربه؟ ما حصل به التعريف؛ لأنها غير معهودة، ليس بيني وبين المخاطب معهود. جاء الذي اضربه، جاء الذي ليتني كنت مكانه، من هو؟ هذا مجهول. جاءني الذي ليته قائم، خلافاً لهشام الذي اشترط أو جوز أن تكون طلبية أو إنشائية.

إذاً: الطلبية اضربه أو لا تضربه لا يصح أن تقع صلة للموصول؛ لأن مدلولها لم يقع، وإذا لم يقع حينئذٍ لا يكون معهوداً بينك وبين المخاطب، فامتنع الشرط الأول.

الثاني: كونها خالية من معنى التعجب، جملة التعجب، يعني: لا تكون تعجبية. وجملة التعجب: ما أحسنه! وما أعلمه! هل هي إنشائية أو خبرية؟ محل نزاع، إن كانت إنشائية حينئذٍ خرجت بالاحتراز بالأول، خبرية: احترزنا من الإنشائية. وإن كانت خبرية حينئذٍ تستثنى من الخبرية، فيقال: لا تكون الجملة التعجبية صلة للموصول، لماذا؟ لأن التعجب إنما يكون من خفاء السبب، والصلة تكون موضحة ومعرفة، حينئذٍ ماذا حصل؟ إذا كان الموصول فيه إبهام وجملة التعجب فيها إبهام، هل يرفع المبهم بمبهم مثله، أو أنه بمُعرِّف؟ هل يرفع الإبهام بمبهم مثله أم لا بد من مُعرِّف؟

الثاني: يعني شيء موضح له ومبين.

إذاً: كونها خالية من معنى التعجب؛ لأن التعجب إنما يكون من خفاء السبب، والصلة تكون موضحة فتنافيا، حينئذٍ لا بد أن تكون خالية من معنى التعجب.

قال السيوطي: والصحيح جوازه. بناء على أنها خبرية، والأشهر هو الأول الذي ذكرته.

وذكر أيضاً السيوطي رحمه الله: أنها توصل بجملة القسم: جاء الذي أقسم بالله لقد قام أبوه، وهذا ذكرناه. وبجملة الشرط مع جزائه كما يخبر بها، نحو: جاء الذي الذي جاء إن قام عمرو قام أبوه، هذا من باب التجوز العقلي فحسب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015