إن لم يُفِد حينئذٍ لا يسمى جاراً ومجروراً تاماً، لو قال: جاء الذي اليوم، جاء الذي بك، هذا لا يُفهم منه، لكن إذا قيل: جاء الذي عندك فَهِمْت من هذا اللفظ (عندك) المتعلق المحذوف العام وهو كائن أو استقر، وأما جاء الذي بك لا يفهم، واثق بك، أو عدو لك .. إلى آخره، نقول: هذا لا يُفهم، حينئذٍ لا يصح أن يقع جاراً ومجروراً لفظ من: الظرف أو الجار والمجرور ولا يكون تاماً، والفرق بين التام والناقص هو ما ذكرناه.

إذاً المراد بالتام: ما يفهم عند ذكره متعلقه العام، وكذا الخاص إذا دلت عليه قرينة، وإذا لم تدل عليه قرينة وجب ذكره ولا يجوز حذفه.

والناقص: ما لا يفهم عند ذكره متعلقه الخاص، لعدم القرينة عليه، والرابط هنا في التام موجود لكونهما متعلقين بفعل مسند إلى ضمير موصول تقديره الذي استقر عندك.

حينئذٍ يرد السؤال -قول ابن مالك: عَلَى ضَمِيرٍ لائِقٍ مُشْتَمِلَهْ، وقلنا: جُمْلَةٌ أوْ شِبْهُهَا، يعني يشمل الظرف والجار والمجرور-حينئذٍ إذا قيل: جاء الذي عندك، عندك قلنا: هذه صلة الموصول، ابن مالك يقول: عَلَى ضَمِيرٍ لائِقٍ، أين الضمير؟ الضمير المستتر (الرابط) الضمير المستتر في المتعلق؛ لأن المتعلق هنا يتعين أن يكون جملة ولا يجوز أن يقدر اسم فاعل، حينئذٍ تقول: جاء الذي استقر عندك. (استقر) هذا فعل ماضي والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو، يعود على الذي، إذاً صار هو الرابط.

إذاً: الذي أُسند إليه المتعلق -الضمير المستتر وهو الفاعل- هو الرابط بين جملة الصلة والموصول، تقديره الذي استقر عندك والذي استقر في الدار، فمن هنا أشبها الجملة؛ لأنهما يعطيان معناهما، أشبها الجملة لماذا؟ ابن مالك عبر قال: أوْ شِبْهُهَا: يعني شبه الجملة، من أين جاء الشبه؟ نقول: في اللفظ هو اسم (عندك) لكن في المعنى مع اعتبار التقديم هو جملة فعلية، فأشبه الجملة في اللفظ فحسب، وأما في المعنى فلا، حيث أعطي معنى الجملة الفعلية.

وَجُمْلَةٌ أوْ شِبْهُهَا الَّذِي وُصِلْ بِهِ: يعني الموصول.

كَمَنْ عِنْدِي الَّذِي ابْنُهُ كُفِلْ: كَمَنْ عِنْدِي: يعني الذي عندي، ابْنُهُ: الَّذِي ابْنُهُ كُفِلْ، مثَّل للنوعين العام والخاص، كَمَنْ عِنْدِي، نقول: هذا عام أو خاص، موصول عام أو خاص الذي عندي: كَمَنْ عِنْدِي، هذا مشترك أو خاص؟ مشترك (من) قلنا: وَمَنْ وَمَا وَأَلْ تُسَاوِي مَا ذُكِرْ، فهي من قبيل المشترك.

الَّذِي ابْنُهُ كُفِلْ: (الذي) هذا خاص، كَمَنْ عِنْدِي (عندي) ظرف تام متعلق بمحذوف (كمن استقر عندي)، هذا مثال لشبه الجملة، وهو قدم وأخر، ذكر الجملة أولاً ثم ذكر شبه الجملة، ثم مثَّل للثاني على حد قوله تعالى: ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ)) [آل عمران:106] حينئذٍ بدأ بالمتأخر، وهو نوع من أنواع البلاغة.

كَمَنْ عِنْدِي: هذا ظرف تام.

الَّذِي ابْنُهُ كُفِلْ: هذا جملة (ابْنُهُ) مبتدأ، وكُفِلْ الجملة خبر، والجملة من المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، وهذه الجملة يشترط فيها ثلاثة شروط تأتينا إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ... !!!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015