إذَا لَمْ تُلْغَ فِي الْكَلاَمِ نقول: إذاً بشرطين أن تكون بعد استفهام بـ (ما) أو (من) نحو ((يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ)) [البقرة:215] ما الذي ينفقونه؟ (ما) استفهامية كما هي، و (ذا) اسم موصول بمعنى (الذي)، (ويُنفِقُونَ) هذه جملة الصلة التقدير ما الذي ينفقونه؟
ومثلها قَدْ قُلْتُهَا ليُقالَ: مَنْ ذَا قالهَا
الشرط الثاني: أن تكون غير ملغاة، والمراد بالإلغاء أن تركب مع (ما) فتصير اسماً واحداً، إذا أضيف اسم إلى اسم، يعني نسب اسم إلى اسم إذا قصدا بجعل الإضافة أنهما اسماً واحداً في مثل هذا التركيب حينئذٍ صارت ملغاة، والشرط في كونها موصولة -الكلام في (ذا) - في كونها موصولة أن يقصد بـ (ما) أو (من) أنها استفهامية على أصلها، و (ذا) بمعنى (الذي) أو (التي)، فإن قصد تركيب اللفظين ليجعلا اسماً واحداً صارت ملغية، ماذا عندك؟ (ماذا) كلها اسم استفهام وليست مركبة من (ما) و (ذا) لا، صارت كلها اسم استفهام، إذا قدرت أنها كلها اسم استفهام صارت ملغاة، فحينئذٍ صارت (ماذا) مثل زيد، مركبة (ماذا) من أربعة أحرف، وزيد من ثلاثة أحرف، فحينئذٍ تكون المبتدأ وجملة صنعت خبر، وإذا لم يكن كذلك بأن جعلت (ما) مستقلة وهي استفهامية و (ذا) نويت بها أنها موصولية، حينئذٍ صح التركيب لكونها غير ملغاة ووقوعها بعد الاستفهام.
إذاً المراد بإلغائها هذا المشهور عند النحاة: أن تركب مع (ما) أو (من) فتصير اسماً واحداً مستفهماً به، من ذا عندك؟ من الذي عندك؟ هذا صارت موصولية، ماذا عندك؟ (ماذا) كلها مبتدأ، وعندك خبر، أما ماذا صنعت؟ (ما) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، و (ذا) اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع خبر (ما) مبتدأ و (ذا) خبر، إذاً منفصلتان، و (صنعت) هذه صلة الموصول، وأما إذا ركبتها كلها صارت (ماذا) مبتدأ، و (صنعت) خبر.
إذاً المراد بالإلغاء هنا أن تركب مع (ما) -يعني (ذا) - أو (من) فتصير اسماً واحداً مستفهماً به، أو (ما) اسماً واحداً موصولاً، هذا وجه ذكره البعض لكنه منكر عند الكثير، قلنا: التركيب إذا قصدت أنهما اسماً واحداً ماذا تقصد بهما؟ استفهام، هذا المشهور، بعضهم يرى أنه من باب الإلغاء أن تجعل (ما) و (ذا) كلمة واحدة لكن مراداً بها الموصولية كأن (ماذا) صارت اسماً موصولاً، لكن هذا منكر عند الكثير لكن يقال: في باب الإلغاء، أو نكرة موصوفة كذلك فيه كلام، فصور التركيب ثلاثة: تركب (ما) مع (ذا) وتصير اسماً واحداً مستفهماً به.
تركب (ما) مع (ذا) وتصير اسماً موصولاً كلها اسم موصول.
تركب (ما) مع (ذا) وتصير نكرة موصوفة بـ (ذا) كلاهما مركب.
هذا التركيب ثلاثة أنواع، ويقال: له الإلغاء الحكمي ليس الإلغاء الحقيقي، والإلغاء الحقيقي جعل (ذا) زائدة و (ما) استفهامية، ماذا عندك؟ إذا أردت إلغاءها حقيقة، حينئذٍ لا تجعل لها معنى، وإذا لم تجعل لها معنى حينئذٍ تحكم عليها بأنها زائدة، فـ (ما) اسم استفهام مبتدأ و (ذا) اسم زائد إذاً لا محل له من الإعراب، و (عندك) يكون هو الخبر، هذا هو الإلغاء الحقيقي، أن تجعل (ذا) زائدة و (ما) تكون مبتدأ وما بعد (ذا) يكون خبراً، هذا هو الإلغاء الحقيقي.