وَالنُّونُ مِنْ ذَيْنِ وَتَيْنِ شُدِّدَا ... أَيْضاً وَتَعْوِيضٌ بِذَاكَ قُصِدَا
هذا شُروع فيما عَقَد له الباب رحمه الله تعالى، وهو الموصول الاسمي، ولذلك قال: موصول الأسماء، بإسقاط همزة الأسماء، هي جمع، الأصل فيها أنها همزة قطع.
مَوْصُولُ الاسْمَاءِ: مضاف ومضاف إليه، وهو مبتدأ
الَّذِي: مبتدأ ثاني، وخبره محذوف، يعني: موصول الأسماء، منه الذي، وهو جملة في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
الأَُنْثى الَّتي: يعني: والأنثى التي، والأنثى المفردة لها التي كذلك مبتدأ وخبر، والجملة معطوفة بإسقاط حرف العطف على منه الذي.
منه الذي: هذا لم يقيده الناظم وإنما يُقيد معنىً بمقابله، لأنه لما قال:
الأَُنْثى الَّتي: علمنا أن الذي هذا للمفرد المذكر.
مَوْصُولُ الاسْمَاءِ: هذه إما أن تكون نصاً، وإما أن تكون مشتركة، سيعدها الناظم عداً، ولذلك ذهب السيوطي في جمع الجوامع إلى أنها لا تُعرف، وإنما يُستغنى بالعد عن الحد، فالموصولات الاسمية قسمان: منها ما هو خاصٌ، ومنها ما هو مشترك، المشهور في الخاص: أنه ثمانية، والمشهور في المشترك أنها ستة، والخاص كاسمه خاص، بمعنى: أنه لفظ أُطلق على معنى خاص، لا ينصرف إلى غيره، فالذي نقول للمفرد المذكر.
إذاً لا يُستعمل في المفردة المؤنثة، والتي نقول: هذا خاص بالمفردة المؤنثة، فلا يُستعمل في المفرد المذكر، بخلاف المشترك كـ (من) و (ما) و (أل) و (ذو) هذه تطلق مراداً بها المفرد المذكر، والمفرد المؤنث، ويراد بها المثنى والمؤنث والمذكر والجمع، إذاً لفظ واحد يُستعمل مُراداً به كل ما ذكرناه.
ثم الاسم الموصول إما أن يكون مفرداً وإما أن يكون مثنىً، وإما أن يكون جمعاً، وكل من هذه الثلاث إما أن يكون مذكراً وإما أن يكون مؤنثا، .. فالقسمة حينئذٍ تكون كم؟ 3×2=6، إما مفرد وهذا قسمان: مفرد مذكر، ومفرد مؤنث، وإما مثنى وهذا قسمان: مثنى مذكر، ومثنى مؤنث، والجمع كذلك.
مَوْصُولُ الأسْمَاءِ: الذي بدأ بـ (الذي) لماذا؟ لأنه الأصل، وهو مفرد، ويطلق للمفرد المذكر، عاقلاً كان أو غيره، عاقلاً كان أو غيره، والتعبير بكونه يطلق على العالم وغيره أو لا، وإن اشتهر على ألسنة النُحاة أنه يطلق على العاقل وغيره، العاقل: المراد به من بني آدم، وغيره كالبهائم والجمادات ونحوها.
وجاء إطلاقه على الله عز وجل في القرآن ((وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ)) [الزخرف:84] ولكونه لا يطلق عليه صفة العقل حينئذٍ التعبير بأن الذي للعالِم وغيره يكون من باب أولى وأحرى، أن يكون عام، لأننا نقعد من أجل فهم الكِتاب والسنة.
وإذا كان كذلك حينئذٍ ينبغي أن تكون الألفاظ معتبرة بما وافق عليه الشرع ويُمنع أو يتوقف فيما لم يأت به الشرع.
حينئذٍ (الذي) و (من) هذه نقول الأصل فيها أنها للعالِم، لأنها جاءت مطلقة على الرب جل وعلا والله تعالى لا يوصف بكونه عاقلاً أو نحو ذلك لأن هذه الموصوف من صفة المخلوق.