عجبت مما ضربتَ زيداً: يعني من ضربك زيداً، وتوصل بالماضي، كالمثال السابق، وبالمضارع لا أصحبك ما يقوم زيدٌ، يعني: مدة قيام زيد، وعجبت مما تضرب زيداً، ومنه ((بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)) [ص:26]، يعني: بنسيانهم، بـ (ما) نسوا يوم الحساب، هذا فعل ماضي، جاء بعد (ما) وما هنا الأرجح أنها موصول حرفي، ((بِمَا نَسُوا)) [ص:26] أي: بسبب نسيانِهم يوم الحساب، ((بِمَا نَسُوا)) [ص:26] أي بسبب نسيانهم يوم الحساب، وبالجملة الاسمية، توصل بالجملة الاسمية، ولكن هذا قليل، نحو: (عجبت مما زيدٌ قائمٌ)، يعني: عجبت من قيام زيد، تؤول المصدر كما أولته في (أن) ومدخولها.
ولا أصحبك ما زيدٌ قائمُ: وهذا قليل كما ذكر ابن عقيل، وأكثر ما توصل الظرفية المصدرية بالماضي أو بالمضارع المنفي بـ (لم) لا أصحبك ما لم تضرب زيداً، ويقل وصلها بالفعل المضارع الذي ليس منفياً بـ (لم) لا أصحبك ما يقوم زيدٌ، ومنه قوله:
أُطَوِّف مَا أُطَوِّفُ ثمَّ آوي ... إِلى بَيْتٍ قَعِيدتُهُ لَكَاعِ
أُطَوِّف مَا أُطَوِّفُ: يعني: أطوف تطوافي، (تَفْعَال) بفتح التاء، فحينئذٍ صارت مصدرية، صارت مصدرية.
أُطَوِّف مَا أُطَوِّفُ ثمَّ آوي ... إِلى بَيْتٍ قَعِيدتُهُ لَكَاعِ
هذا المشهور عند الجمهور أن (ما) هذه موصول حرفي، وذهب بعضهم وهو مذهب سيبويه، أنها موصول حرفي، بمنزلة (أن) المصدرية، وذهب الأخفش وابن السراج إلى أنها اسمٌ بمنزلة (الذي) –اسمية- واقعة على الحدث مقدراً عائدها معنىً، أعجبني ما قمتَ، يعني: أعجبني ما قمته، لأنه لم يسمع في لسان العرب: أعجبني ما قمت وما قعدت، كما قال ابن هشام في شرح القطر.
إذاً اسم بمنزلة (الذي) واقع على مالا يعقل وهو الحدث، يعني: بمنزلة الذي، ((وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ)) [آل عمران:118]، أي ودوا الذي عنتموه، أي العنت الذي عنتموه، فأوقع الذي على الحدث وهو العنت، ولم يرد أنه سُمِعَ أعجبني ما قُمته وما قعدته، وهذا دليل على إبطال ما ذهبوا إليه، من كون (ما) مصدرية اسماً وليس بحرفٍ.
ولو صح ما ذكر لصح ذلك لأن الأصل أن يكون العائد مذكوراً لا محذوفاً، أعجبني ما قمتَ، أين العائد؟ لو كانت ما هنا بمعنى (الذي) اشترطنا في الاسم الموصول أن يكون ثَمَّ عائدٌ من جملة الصلة إليه.
أعجبني ما قمت وما قعدت: أين الضمير؟ قالوا: مقدر، قلنا: لم يُسمع مرة واحدة أن العرب نطقت بالضمير عائداً على ما، وهي موصولة حرفية، فدل على أنها حرفٌ وليست باسم.
إذاً يُرد عليه بما قالوه: أعجبني ما قمته وما قعدته: لم يُسمع هذا اللفظ في لسان العرب البتة، فلو كان كذلك، لسُمِع ولو مرةً واحدة لأنه الأصل، الأصل أن تكون (ما) اسمية لا حرفية، وإذا كانت اسمية لابد من دليل يدل عليها وأن يطقوا بهذا اللفظ ولو مرة واحدة، لكن كونه لم ينقل، علمنا أنه ليست اسمية بل هي حرفية.