الرابع: (ما) وتكون مصدرية زمانية وغير زمانية، يعني: تكون مصدرية تؤول مع ما بعدها بمصدر، وزمانية بمعنى: أنه يُضاف لفظ الزمن، مدة أو وقت أو زمن قبل المصدر، وقد لا تكون زمانية، الزمانية هي: التي يُعبر عنها بالظرفية، كما عبر ابن عقيل هناك، وابن هشام يرى أن التعبير بالزمانية أولى، لماذا؟ لو قلنا ظرفية، الظرف في اصطلاح النحاة لابد أن يكون منصوباً، والكل منصوب على إضمار في، حينئذٍ لابد أن يكون منصوباً على إضمار في وقد لا يتأتى بعد كونها مصدراً، بإضافة ما قبلها إلى ما بعدها، ((كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ)) [البقرة:20]، (كلَّما)، (كُلَّ) ما أضاء (ما) هذه مصدرية، ((كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ)) [البقرة:20] فإن الزمان المقدر هنا مخفوض، أي كل وقت إضاءة لهم، وقتِ بالكسر، لأنه مضاف إلى كل، وإذا كان كذلك حينئذٍ وقتِ هذا لا يقال فيه أنه ظرف، وإنما يقال فيه زمن، فلتشمل هذا التركيب ومما على شاكلته، حينئذٍ قال: الأولى أن يُعبر عنها بالزمانية، ولا يقال الظرفية، إذ يشترط في الظرف أن يكون منصوباً، إذا قدرته لابد أن يكون منصوبا، وأما إذا جررته كل وقت إضاءة، حينئذٍ وقتِ هذا صار مجروراً بإضافة كل إليه، فلا يكون ظرفاً وإنما يكون زماناً، وكل ظرف زمان هو اسم زمان ولا عكس، كل ظرفٍ في الاصطلاح عندهم ظرف الزمان فهو اسم زمان ولا عكس نقول: الوقت نفيسٌ، كلمة الوقت هنا: اسم الزمن، لكنها ليست بظرف، الظرف لابد أن يكون منصوباً، هو من المنصوبات، جاء مرفوعاً، إذاً جاء اسم زمان وليس بظرف، وهذا واضح، ((وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ)) [البقرة:281] نقول يوماً هذا، يوم اسم الزمن ولكنه ليس بظرف، ((وَاتَّقُوا يَوْمًا)) [البقرة:48] مفعول به، فاليوم كله هو الذي يكون مُتَقَى، وليست التقوى مأموراً بها أن تقع في ذلك اليوم، ليكون ظرفاً له فالمعنى يَفْسُد، المعنى يكون فاسداً لو نصبناه على الظرفية، وإنما هو منصوبٌ على أنه مفعول به، والمعنى واضح بين، واتقوا يوماً على أنه مفعول به، اليوم كُله مُتَقى، حينئذٍ التقوى تكون سابقة على اليوم، وإذا قلنا ظرف، معناه التقوى ليس مأمور بها في الدنيا، إذاً؟؟؟، ((وَاتَّقُوا يَوْمًا)) [البقرة:48] يعني: اتقوا في ذلك اليوم، والدنيا افعل ما شئت ومثله ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة:21] ((أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ)) [البقرة:184]، ((أَيَّامًا)) [البقرة:80] هذا لا يكون ظرفاً البتة أبداً، يفسد المعنى، إن كان بعض القراء يوصله يظن أنه معمول لما سبق ((لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ..