وأما لفظة أسد فإنهم أرادوا به المعنى الذهني المشترك بين الأفراد بدون قطع النظر عن وجود بعض أفراده الخارجية فيه التي هي محل التعدد؛ ولذلك هناك في المنطق علم الشخص وعلم الجنس قالوا هما جزأيٌ بالإجماع واسم الجنس كليٌ بالإجماع ففرق بين علم الجنس واسم الجنس.
وذكر الأشموني قال: أسدٌ موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، أسد كلمة أسد -وهي اسم جنس- والكثير يرون أن اسم الجنس هذا مرادف للنكرة، أسد موضوع للواحد من آحاد الجنس لا بعينه في أصل وضعه، يعني كلمة أسد وضع للقدر المشترك في الذهن وهو الحيوانية الافتراسية مع ملاحظة واحد فرد -لابد أن يوجد في ضمن فرد- لا يشترط فيه أن يكون مائة حتى يوضع له اللفظ، لا، مجرد واحد يكفي.
إذاًَ لوحظ هذا المعنى باعتبار الفرد، أيُّ فردٍ في أيِّ زمان في أي مكان -أي واحد منها- صار مبهماً أم لا؟ مبهم، إذا قلنا لابد أن يوجد هذا المعنى في ضمن فردٍ حتى يظهر وتكون نكرة واسم جنس، حينئذٍ وجوده، في فرد أي فرد في أي زمن في أي مكان؟ مبهم، حينئذٍ دل على ذلك الفرد لكنها دلالة بالمطابقة لا من جهة تعيين الفرد فإنه مبهم لأن المراد أنه يوجد في ضمن فرد من أفراده وكفى، أيُّ فردٍ هذا؟ قد يكون وقع في الزمن الماضي، قد يكون بعد الوضع، قد يكون لم يأتِ بعد، وأسامة موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن، فإذا أطلقت أسداً على واحدٍ أطلقته على أصل وضعه، إذا قلت: هذا أسدٌ حينئذٍ استعلمت اللفظ فيما وضع له وهو الذهن مع مراعاة فرد في الخارج.
إذاً الموضوع له شيئان: حقيقة ذهنية مع وجوده في الفرد فإذا قلت: هذا أسدٌ حينئذٍ استعلمت اللفظ فيما وضع له، وإذا أطلقت أسامة على واحدٍ قلت: هذا أسامة فإنما أردت الحقيقة، ولزم منه اعتبار الوجود التعدد، إذا قلت: هذا أسامة استعملته في الأفراد، نقول: اللفظ وضع لشيء واحد أو لشيئين؟ لشيء واحد وهي: الحقيقة الذهنية، وجودها في الخارج -إذا أردت أن تستعمل هذا اللفظ- حينئذٍ دلالة هذا اللفظ على الفرد الخارج ليس فيما وضع له، إذا قلت: هذا أسامة، (هذا) أشرت إليه حيوان يمشي أمامك أسد، هذا أسامة استعملت اللفظ في شيء وضع له أم لا؟ لا لم يوضع للفرد هذا بعينه وإنما وضع للحقيقة الذهنية فقط، فإذا استعملته في الفرد الخارجي، حينئذٍ نقول: دلالة هذا اللفظ على الفرد الخارج دلالة التزامية ليست فيما وضع له في أصل لسان العرب ولذلك يقول الأشموني:
إذا أطلقت أسداً على واحدٍ أطلقته على أصل وضعه؛ لأنه وضع للحقيقة الذهنية مع الفرد الخارجي، فالموضوع له شيئان، وإذا أطلقت أسامة على واحد فإنما أردت الحقيقة -التي هي حقيقة ذهنية- واستعماله في ذلك الفرد ليس استعمالاً فيما وضع له في الأصل؛ لأنه وضع لشيء واحدٍ لا لشيئين وإنما لزم التعدد -لابد منه- إذا استعملته تستعمله فيما يصدق عليه تلك الحقيقة، ولزم منه: يعني من ذلك الاستعمال إذا أطلقت لفظ أسامة على فرد- لزم منه اعتبار الوجود التعدد، فجاء التعدد ضمناً لا باعتبار أصل الوضعِ.
وَوَضَعُوا لِبَعْضِ الاَجْنَاسِ عَلَمْ ... كَعَلَمِ الأَشْخَاصِ لَفْظاً وَهْوَ عَمّ