وَمنْهُ مَنْقُولٌ: منه أي: من العلم، علم منقول إلى العلمية بعد استعماله في غيرها، كفضل -هذا مصدر- وأسد -هذا اسم جنس، وحينئذ المنقول إما أن ينقل من صفة كحارث، أو من مصدر كفضل، أو من اسم جنس كأسد، وهذه تكون معربة.

وقد يكون النقل من جملة إما فعلية -وهو المسموع في لسان العرب- وإما اسمية وهذا مقيس عند النحاة على الجملة الفعلية- يعني: لم يسمع نقل جملة إلى العلمية إلا الفعلية فحسب، شاب قرناها، شاب: فعل ماض، وقرناها: فاعل، تأبط شراً: هذا فعل وفاعل ومفعول به، هذا الذي سمع.

وأما لو قيل: زيد عالم،-سميت ولدك زيد عالم- هذه جملة اسمية، هل نقل في لسان العرب؟ الجواب: لا، لأنهم لما سموا بالجملة الفعلية حينئذ قاسوا عليها الجملة الاسمية لانتفاء الفرق بينهما.

أو من جملة كقام زيد وزيد قائم، وحكمها أنها تحكى، كما سيأتي.

وَمنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ ... وَذُو ارْتِجَالٍ ..............

وَذُو ارْتِجَالٍ: يعني: ومنه ذو ارتجال، والارتجال: ابتداء الشيء على غير تهيئٍ.

كَسُعَادَ وَأُدَدْ، أدد هذا نُوزع فيه بأنه؟؟؟ أو لا، قيل: جمع أدة بمعنى المرة من الود، والهمزة منقلبة عن الواو.

سعاد هذا أول ما نقل، أول ما وضع وضع علماً، لم يسبق أن يستعلم في غير العلمية ثم استعمل في العلمية، وأدد مثله عند الناظم إلا أنه نُوزع فيه.

وقيل: من العلم ما ليس منقولاً ولا مرتجلاً، لا يوصف بهذا ولا بذاك، فهو واسطة بينهما. وهو الذي علميته بالغلبة، هذا يأتي في المعرف بـ (أل).

وَقَدْ يَصِيرُ عَلَمَاً بِالْغَلَبَهْ ... مُضَافٌ اوْ مَصْحُوبُ أَلْ كَالعَقَبَةْ

المدينة: هذا علم بالغلبة، يعني إذا أطلقت المدينة صرفت إلى المدينة هي هي، عينها، وحينئذ هل هذا منقول؟ هل هذا مرتجل؟ الجواب: لا، لا منقول ولا مرتجل.

وَمِنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ ... وَذُو ارْتِجَالٍ كَسُعَادَ وَأُدَدْ

ذهب بعضهم إلى أن الأعلام كلها منقولة، -كلها ليس فيه تفصيل لا منقول ولا مرتجل، بل كلها منقولة- وليس منها شيء مرتجل. قال قائله: إن الوضع سبق ووصل إلى المسمى الأول، وعلم مدلول تلك الألفاظ في النكرات وسمي بها، وجهْلنا نحن أصلها فحينئذ توهمنا من سمى بها من أجل ذلك مرتجلاً، فحينئذ كونها مرتجلة أو منقولة هذا وهم يعني من باب التوهم عند المسمي، وإلا الأصل كلها منقولة.

وذهب الزجاج إلى أنها كلها مرتجلة، عكس الأول، والمرتجل عنده ما لم يقصد في وضعه النقل من محل آخر إلى هذا، ولذلك لم تجعل (أل) في الحارثِ زائدة، وموافقتها للنكرات بالغرض لا بالقصد؛ لأنه يرد عليه أن عندنا مصدر هو (فضل)، وعندنا جملة: شاب قرناها، وعندنا جملة أخرى: تأبط شراً، لو كانت كلها أعلام بالأصل وعندنا هذه أفعال مستعملة في غير العلمية وعندنا فضل مصدر وعندنا أسد اسم جنس مستعلمة في غير العلمية، كيف يقال؟ قال: هذا لا، هذه موافقة لا بالقصد، وإنما بالتوافق وحسب، الأصل وضع فضلٌ علماً، ووضع نكرة كذلك موافقاً له في اللفظ والمعنى لا أنه نقل من المصدر إلى علمية، وهذا فيه تكلف، أن يقال: بأن فضل وضع مرتين: مرة علماً ومرة نكرة هذا يحتاج إلى إثبات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015