ويجوز أن تقطعه من الرفع إلى النصب، ولذلك قال هنا: ويجوز القطع إلى الرفع بإضمار هو، يعني: مبتدأ محذوف، ويكون الذي قطعته خبراً لمبتدأ محذوف، أو النصب بإضمار أعني، مررت بزيدٍ أنفُ الناقة، -لا إشكال- يعني: وهو أنفُ الناقة. وأنفَ الناقة أعني: أنفَ الناقة. فالرفع على إضمار مبتدأ، والتقدير: هو أنف الناقة. والنصب على إضمار فعل والتقدير: أعني أنفَ الناقة، فيقطع مع المرفوع إلى النصب، ومع المنصوب إلى الرفع، ومع المجرور إلى النصب أو الرفع، ولا يقطع الرفع أو النصب إلى الجر، لا يقطع المرفوع أو المنصوب إلى الجر، لماذا؟ لأن العامل الذي يقدر هو فعل أو اسم، وحرف الجر لا يعمل مقدراً على الصحيح، ولذلك قلنا: المرجح (اضرب): أنه فعل مبني وليس معرباً خلافاً للكوفيين أنه مجزوم بلام الأمر مقدرة.
إذاً:
وَإِنْ يَكُونَا مُفْرَدَيْنِ فأَضِفْ ... حَتْمَاً وَإِلاَّ أَتْبِعِ الَّذِي رَدِفْ
إلاَّ: قالوا: ظاهره امتناع الإضافة إذا كان الأول مفرداً والثاني مركباً.
قال الصبان: والوجه خلافه، كما صرح به الرضي بجواز كون المضاف إليه مركباً نحو: غلام وعبد الله، بخلاف المضاف، والإتباع أقيس من الإضافة، والإضافة أكثر.
وَمِنْهُ مَنْقُولٌ كَفَضْلٍ وَأَسَدْ ... وَذُو ارْتِجَالٍ كَسُعَادَ وَأُدَدْ
وَجُمْلَةٌ وَمَا بِمَْزجٍ رُكِّبَا ... ذَا إِنْ بِغَيْرِ وَيْهِ تَمَّ أُعْرِبَا
وَشَاعَ فِي الأَعْلاَمِ ذُو الإِضَافَهْ ... كَعَبْدِ شَمْسٍ وَأَبِي قُحَافَهْ
ينقسم العلم باعتبار كونه منقولاً أو مرتجلاً إلى قسمين، وزاد بعضهم ثالثاً لا منقولاً ولا مرتجلاً.
وَمنْهُ مَنْقُولٌ: أي: ومن العلم علم منقول، وأرادوا به أنه ما سبق له استعمال في غير العلمية، يعني: كان نكرة، كان جملة، كان فعلاً ماضياً، كان مضارعاً، كان اسماً جامداً، كان اسم فاعل، كان اسم جنس في الأصل، ثم نقلته فجعلته علماً، اسْمٌ يُعَيِّنُ المُسَمَّى مُطْلَقاً، هذا يسمى منقولاً، يعني سبق له استعمال في غير علم. فضل مثلاً، هذا مصدر جامد، لو قلت: فضلٌ، هذا فضل الله؛ شيء غير معين، لكن لو جاءك ولد وقلت: هذا سميته فضل، حينئذ نقلت المصدر من دلالته على المصدر وعدم التعيين لأنه جامد فصار علماً لذاتٍ مشخصة، هذا يسمى علماً منقولاً.
ومرتجل هذا مأخوذ من الارتجال وهو ابتداء الشيء على غير تهيئٍ، والمراد به: ما لم يسبق له استعمال قبل العلمية في غيرها،- أول ما وضع في لسان العرب وضع اسماً علماً يعين المسمى-لم يستعمل كمصدر أو فعل أو جملة ثم نقل إلى العلمية، بل أول ما وضع وضع علماً.
إذاً: العلم إما منقول وإما مرتجل. المنقول: ما سبق له استعمال في غير علمية، قبل العلمية. والمرتجل الذي لم يسبق له استعمال قبل العلمية في غيرها، أو سبق وجهل –قولان-، قد يكون سبق لكنه جهل، حينئذ ما حكمه؟ إذا سبق له وجهل لا ندري هل هذا ابتداءً أم أنه نكرة، ابتداءً علماً مرتجلاً أم أنه منقول ما ندري، حينئذ صار حكمه حكم المنقول، لأنه لا بد وأن يعتبر إما نكرة وإما فعل إلى آخره، فإذا لم يعلم حينئذ رجعنا إلى الأصل.