على كلٍ؛ الكلب المراد به هنا اللقب، وعمْراً هذا اسم، حينئذ قدم اللقب على الاسم، وهذا قليل. وابن مالك جرى على أنه يجب التقديم في ظاهر عبارته هنا، يجب تقديم الاسم مع اللقب والكنية مع اللقب، يعني يقدم الاسم ويؤخر اللقب، وتقدم الكنية ويؤخر اللقب، هذا ظاهر العبارة؛ لأنه قال: سواه، وسوى اللقب أمران، لكن جماهير الشراح إن لم يكونوا كلهم قالوا: لا، العبارة ليست على ظاهرها، بل ثَمَّ إما خلل في النسخ وإما في غيرها.
وَأخِّرَنْ ذَا إنْ سِوَاهُ: قالوا: المراد به الاسم فحسب، وليس مراده الكنية؛ لأن اللقب إذا اجتمع مع الكنية فقدمن ما شئت، قدم وأخر، قدمت اللقب أو أخرته كلاهما سيان، وإنما مراد المصنف هنا أنه إذا اجتمع الاسم مع اللقب.
إنْ سِوَاهُ: المراد به الاسم كما وجد في بعض النسخ، إن سواها، سواها يعني: سوى الكنية، وهو الاسم، إذا اجتمع الاسم مع اللقب وجب تأخير اللقب.
وعلله ابن مالك وصرح به في التسهيل، وعلله في شرحه بأن الغالب أن اللقب منقول من اسم غير إنسان، هذا الغالب، بطة وقُفَّة هذا الأصل لقب .. ؟؟؟ ... أنف الناقة .. إلى آخره. فإذا قدم اللقب حينئذ قد يظن السامع المخاطب أن المراد به معناه الأصلي. إذاً: أوقع في لبس، وكل ما يوقع في لبس حينئذ الأصل منعه، فوجب تأخير اللقب لئلا يقع في اللبس. لو قال: بطة، ماذا يفهم منها؟ يظن البطة بطة هي نفسها، لكن قال: زيد بطة عرف أنه لقب.
بأن الغالب أن اللقب منقول من اسم غير إنسان كبطة وقُفَّة، فلو قدم لتوهم السامع أن المراد مسماه الأصلي، وهذا لبس، وذلك مأمون بتأخيره فلم يعدل عنه، لا يجوز أن يتقدم اللقب على الاسم لئلا نقع في محذور وهو اللبس؛ لأن أكثر الألقاب إنما هي منقولة عن غير إنسان -أوصاف- إما حيوانات أوغيرها، فحينئذ لو أطلق ابتداءً توهم السامع أن المراد معناه الأصلي، وهذا يجب دفعه صيانة للإنسان.
وعلله غيره بأنه أشهر من الاسم، اللقب أشهر من الاسم؛ لأن فيه العلمية مع شيء من معنى النعت، فلو أتى به أولاً لأغنى عن الاسم، لو قال: بطة محمد أو زيد، حينئذ هذا فيه وصل، لأن اللقب يكون مشعراً بمدح في نفس المسمى، أو مشعراً بذم في نفس المسمى، وحينئذ فيه دلالة على الاسم وشيء من النعت، فلو قدم لقدم الوصف على الموصوف، وقدم الاسم على الاسم الحقيقي، قالوا: إذاً نمنع. والأشهر ما ذكره ابن مالك أولاً.