وَفِي لَدُنِّي لَدُني قَلَّ: كأنه قال: وقل في لدُنّي لدني، وقل: نحن نقول الإثبات كثير، والحذف قليل، وقل في لدنّي لدني.
إذاً الكثير هو لدنّي، وبه قرأ السبعة في قوله: ((قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا)) [الكهف:76] ^ ويقل حذفها كقراءة من قرأ ((من لدُني)) بالتخفيف، وفي قدني وقطني بمعنى: حسبي، ليست مطلقاً، وإنما بمعنى حسب احترازاً من قد الحرفية، فإنها لا تدخل عليها من، ولو جرت، قدي نقول: هذه حرفية.
قد الحرفية، وقط الظرفية لا تتصل بهما ياء المتكلم -على خلاف- لا تتصل بهما ياء المتكلم، وقد وقط في كلام الناظم اسما فعل بمعنى: يكفي.
فإن نون الوقاية تلزمهما عند اتصال الياء بهما، وفي الحديث {قط .. قط وعزتك} بالإسكان، يروى بسكون الطاء وبكسرها مع ياء ودونها، ويروى {قطني .. قطني}، و {قط .. قط} يروى بهذا وذاك.
إذاً: وَفِي لَدُنِّي لَدُني قَلَّ: قل القليل هذا قرأ به نافع ((من لدني))، وفي إلحاق النون بقدني وقطني بمعنى: حسبي كثير.
الْحَذْفُ أيْضاً: آض يئيض أيضاً نرجع إلى ذكر الحذف قلة وكثرة.
قَدْ يَفي: قد هنا للتقليل، يعني قد يأتي، وأشار بقد إلى قلة الحذف لكنه ليس من الضروريات.
قال الشارح: أشار بهذا إلى أن الفصيح في لدني إثبات النون، هذا هو الفصيح، وبه قرأ الستة، كقوله تعالى: ((قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)) ويقل حذفها، لكن القلة ليست على جهة الشذوذ، وإنما هي لغة، وقرأ بها نافع وقراءته معتبرة، كقراءة من قرأ من لدني بالتخفيف.
والكثير في قد وقط ثبوت النون نحو: قدني، وقطني، ويقل الحذف نحو قدي وقطي أي حسبي وقد اجتمع الحذف والإثبات في قوله:
قَدْني مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَيِنِ قَدِي ... لَيْسَ الإِمامُ بالشَّحِيحِ الملْحِد
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين ...