المستتر وجوباً: هو الذي لا يحل محله الظاهر، بألا يرتفع بعامله، وقوله: وَمِنْ ضَمِيرِ اْلرَّفْعِ: خص ضمير الرفع بالاستتار؛ لأنه عمدة، الأعراب بالرفع هو إعراب العمد، المراد بالعمد هنا الفاعل ونائب الفاعل والمبتدأ والخبر، هذا الأصل فيه، وهنا المراد به الفاعل أو نائبه؛ لأنه عمدة يجب ذكره فإن وجد في اللفظ فذاك، وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعلٌ فَإنْ ظَهَرْ ... فَهْوَ وَإلاّ –يظهر- فََضَمِيرٌ اسْتَتَرْ، يعني: قدره وانوِ {إنما الأعمال بالنيات} فتنوي ثم ضميراً مستتراً، ولا تنطق به ولا وجود له في اللفظ، ولكنك تنويه.
وإن وجد في اللفظ فذاك وإلا فهو موجود في النية والتقدير، بخلاف ضميري النصب والجر فإنهما فضلة، فلا داعي إلى تقدير وجودهما، إذا عدما من اللفظ إلا غالبه، يعني سيأتي أنه لا بد من ذكر ضمير، وهذا فيما إذا كانت جملة الصلة جملة حينئذٍ لا بد من ضمير عائد على الموصول، وكذلك جملة الخبر إلى آخره إلا ما استثني، الأصل في ضمير الجر والنصب أنه فضلة، ويجوز حذفه هذا الأصل، وما جاء في بعض المواضع أنه لا بد من ذكره، حينئذٍ يقال: هذا يستثنى من القاعدة.
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ كافْعَلْ: هذا الموضع الأول الذي يستتر فيه الضمير وجوباً وهو فاعل، (افعل) فعل الأمر (اضرب، قم) هذا فعل أمر وفاعله دائماً لا يكون إلا مستتراً وجوباً وهو الذي لا يحل محله الظاهر بألا يرتفع بعامله، فعل الأمر كافْعَلْ، أوَافِقْ، هذا فعل مضارع مبدوء بهمزة متكلم (أوافق، أضرب .. ) إلى آخره.
الفعل المضارع المبدوء بالهمزة نحو: أوَافِقْ نَغْتَبِطْ: الفعل المضارع المبدوء بالنون، تشكرُ: الفعل المضارع المبدوء بالتاء.
هذه أربعة مواضع يكون فيها الفاعل ضميراً مستتراً واجب الاستتار، وهذه محلها ليست أمور اجتهادية أو أمور قياسية لا، وإنما هو سماع فقط، كل الباب من أوله إلى آخره، ولذلك الكلام فيه قليل، كل الباب من أوله إلى آخره النكرة والمعرفة ليس من باب الاجتهاد، لماذا؟ لأن التعامل هنا ليس مع تراكيب مبتدأ وخبر إلى آخره .. لا، إنما هو مع مفردات.
فالوضع فيه يكون وضعاً شخصياً، جعل اللفظ دليلاً على المعنى، هذا هو الوضع الشخصي، سواء كان اللفظ اسماً مبنياً كالضمائر أو غيرها فالحكم عام، فحينئذٍ نتعامل مع الوضعيات، وليس ثم أمور عقلية حتى نحتاج إلى أن نستنبط أو نفعل مثل ما قد يكون في بقية الأبواب، وإذا كان كذلك حينئذٍ يكون الاستعمال على وفق الوضع، إطلاق اللفظ وإرادة المعنى، هذا الذي ينبغي أن يكون.
كافْعَلْ أوَافِقْ نَغْتَبِطْ إذْ تَشْكُرُ، وزاد في التسهيل على هذه الأربعة اسم فعل الأمر كنزال .. اسم فعل الأمر (صه)، نقول: هذا اسم فعل أمر، واسم فعل الأمر يرفع فاعلاً، كما هو الشأن في (هيهات العقيق)، هيهات العقيق هذا اسم فعل ماضي، واسم فعل الأمر يرفع فاعلاً وهذا الفاعل ضمير مستتر واجب الاستتار.
نزال يعني: أنت، (صه) يعني: أنت، (مه) يعني أنت .. وحينئذٍ صار الفاعل ضميراً مستتراً وجوباً.