* مايجب إستتاره من الضمائر
* الضمائر المنفصلة وحكمها
* إذا أمكن الإتصال امتنع الإنفصال
* مايجوزفيه الوصل والفصل-ترتيب الضمائر
* نون الوقاية وأحكامها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وقفنا عند قول الناظم رحمه الله تعالى:
وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ ... كَافْعَلْ أُوَافِقْ نَغْتَبِطْ إِذْ تَشْكُرُ
هذا هو النوع الثاني مما يقابل الضمير البارز؛ لأن الضمير المتصل نوعان: بارز، ويقابله المستتر، ومن البارز المحذوف، وليس من المستتر، والفرق بينهما أن المستتر لا يمكن النطق به، يتعذر النطق به، وأما المحذوف حينئذٍ نقول: يجوز أن ينطق به ويلفظ به؛ لأن الذي يعتبر مستتراً استتاراً واجباً هو العمد، لذا يقال: وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ مَايَسْتَتِرُ، ما يستتر من ضمير الرفع، قدم الجار والمجرور ليدل على أن الاستتار خاص بضمير الرفع، وأما النصب والخفض فليس فيه ضمير مستتر.
وأما البارز فهذا كما ذكرنا يأتي في محل رفع، ويأتي في محل نصب، ويأتي في محل جر. الأصل فيما جاء في محل رفع أنه لا يجوز حذفه، هذا الأصل، إلا في مواضع يأتي في محلها إن شاء الله تعالى، وأما ضمير النصب والخفض فهذا إذا علم بعد الحذف حينئذٍ هو داخل في قول ابن مالك الآتي: وَحَذْفُ مَا يُعْلَمُ جَائِزٌ كَمَا، وكذلك قوله: وَحَذْفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ، كله يأتي في محله.
إذاً البارز ينقسم إلى قسمين: الأول المذكور والثاني المحذوف، والفرق بين المحذوف والمستتر من وجهين:
الأول: أن المحذوف يمكن النطق به، وأما المستتر فلا يمكن النطق به أصلاً، وإنما يستعيرون له الضمير المنفصل حين يقال: مستتر جوازاً تقديره هو أو مستتر وجوباً تقديره أنا أو أنت؛ وذلك لقصد التقريب على المتعلم.
وليس هذا هو نفس الضمير المستتر على التحقيق.
والوجه الثاني: أن الاستتار يختص بالفاعل الذي هو عمدة في الكلام، وأما الحذف فكثيراً ما يقع في الفضلات كالمفعول وغيرها، ومن ضمير الرفع لا النصب ولا الجر؛ لأنه قدم ما حقه التأخير، (مَايَسْتَتِرُ) هذا مبتدأ، (وَمِنْ ضَمِيرِ) هذا خبر مقدم حينئذٍ قدم ما حقه التأخير، فأفاد القصر والحصر، وهو إثبات الحكم في المذكور نفيه عما عداها.
إذاً وَمِنْ ضَمِيرِ الرَّفْعِ، لا النصب، ولا الجر ما يستتر، هل مراده (ما يستتر) وجوباً، أو يشمل الجائز؟ على حسب الأمثلة، على حسب التي مثل بها.
كافْعَلْ أوَافِقْ نَغْتَبِطْ: هذه كلها أمثلة للواجب، وأما تَشْكُرُ: إذا قلنا بفتح التاء حينئذٍ صار واجباً، فاختص قوله: ما يستتر وجوباً، وأكثر الشراح على هذا، أن تَشكرُ بفتح في التاء، وحينئذٍ صار محله بيان المستتر وجوباً، وهو في أربعة المواضع وسنزيد عليها، وأما إذا تُشكرُ هي، إذا ضبطت بضم التاء إذ تُشكرُ هند هي، حينئذٍ صار ماذا؟ صار هذا مثالاً للضمير المستتر جوازاً، وحينئذٍ نعمم قوله: ما يستتر أنه المراد به الواجب ومراد به الجائز، ولكن أكثر الشراح على ما ذكرناه.