نقول: مع اعتبار دلالته، اللفظ نفسه الجامد لا بد أن يدل على غيبة، ولا بد أن يدل على حضور، فإن لم يدل حينئذ لا يكون ضميراً، كما هو الشأن في ضمير الفصل، زيد هو الكريم، هو ما دل على شيء، ليس عندنا مرجع للضمير، يعني لا تقل: هو يرجع إلى زيد لا، هذا غلط، ليس له مرجع؛ لأنه حرف، والذي له مرجع هو الضمير الاسم المعرفة الذي معنا، زيد هو الكريم، زيد: مبتدأ، والكريم: خبر، وهو؛ هل له مرجع؟ ليس له مرجع، إذا لم يكن له مرجع فليس بضمير، فهو ضمير فصل يعني: حرف فصل.
وياء الغيبة؛ لأنهما حرفان، ياء الغيبة مثل ماذا؟ زيد يقوم، الياء هذه تدل على ماذا؟ على الغائب، هل هي ضمير؟ لا، ليست بضمير، بل هي حرف يدل على الغيبة، والذي معنا هو الذي يدل على صاحب غيبة.
إذاً: خرج ماذا؟ ضمير الفصل وياء الغيبة، لأنهما حرفان وضع أولهما للغيبة أو الحضور لا لذي الغيبة، يعني لا لصاحبها.
وثانيهما للغيبة، لا لذي الغيبة، يعني: زيد يقوم، هذا خرج بقوله:
فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أوْ حُضُورِ
يعني: الذي وضع مع اعتبار دلالته على الغيبة أو الحضور، وكذلك خرج كاف الخطاب، إياكَ إياكِ، الكاف هذه حرف كما سيأتي، إيا هي الضمير، والكاف هذه حرف دل على الخطاب، هل هو ضمير؟ لا؛ لأنه في أصل وضعه وضع حرفاً.
وكاف الخطاء وتاؤه، أنت تقوم الحرفيان؛ لأنهما وضعا للخطاب لا لذي الخطاب.
كذلك نون المتكلم مصاحباً لغيره أو معظماً لنفسه؛ لأنها وضعت للتكلم لا لذي التكلم.
وكذا همزة التكلم، وبقولنا مع اعتبار دلالتها على الغيبة أو الحضور: الأسماء الظاهرة المستعملة في غائب أو حاضر.
إذاً: فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أوْ حُضُورِ: يعني: لفظ جامد وضع للدلالة على صاحب غيبة أو صاحب حضور، فكل ما دل على الغيبة أو الحضور أو التكلم ولم يوضع لذلك مع دلالته على صاحبه حينئذ هو حرف وليس بضمير، والأمثلة التي ذكرناها كما سبق.
كَأنْتَ وَهْوَ.
لِذِي غَيْبَةٍ: قدم الضمير الغيبة.
أوْ حُضُورِ: هذا يشمل نوعين: ضمير المخاطب نحو: أنت، وضمير المتكلم نحو: أنا، مثَّل لأحد نوعي الحضور وهو أنت وترك أنا، وترك أنا عمداً أم للنظم؟ يعني قصداً لفائدة أم من أجل النظم؟ الظاهر الثاني، والملَّوي يقول: تركها قصداً؛ لأن أنا هذه هي كلمة إبليس، لكن هذا ما هو صحيح، لأنه سيأتي:
وَذُو ارْتِفَاعٍ وانْفِصَالٍ أنَا هُوْ:
أنا نكرة: أنا ما أسقطها، وحينئذ نقول: هنا للنظم، ليس عمداً.
فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ: وهو ما دل على الغائب كهو.
أنْتَ وَهْوَ: هنا ترتيب ولف مشوش، لأنه بدأ بالتمثيل لذي حضور، ثم ثنى بالغيبة، إذاً الضمير قال الشارح: يشير إلى أن الضمير ما دل (ما)، لفظ جامد دل على غيبة، كهو أو حضور، وهو قسمان: أحدهما ضمير المخاطب، نحو: أنت، والثاني: ضمير المتكلم نحو: أنا.
كَأنْتَ وَهْوَ: وفروعها كما سيأتي، يعني ليس خاصاً بالمثالين، فالكاف هنا تمثيلية كـ (أنت) وليست استقصائية.
كَأنْتَ: أنت هذا ضمير رفع، ودخلت عليه الكاف، هل نقول في محل جر؟ قيل: أن الكاف إذا دخلت على ضمير الرفع تجعله في محل جر، ولكن المشهور أن الكاف هنا دخلت على محذوف، كقولك: أنت يا زيد، وهو يا عمرو، وفروعهما.