لِذِي: فما موصولة بمعنى الذي، الفاء هذه تسمى فاء فصيحة، لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر، لما ذكرها إجمالاً المعارف حينئذ يرد السؤال: كيف نعرف كل واحد من المعارف السابقة؟
فَمَا: الفاء فصيحة، ما: اسم موصول بمعنى الذي.
لِذِي غَيْبَةٍ: يعني لصاحب غيبة، احترازاً من الغيبة نفسها.
أوْ حُضُورِ: أو لذي حضور يعني صاحب حضور.
سَمّ بِالضّمِيرِ: ما اسم موصول بمعنى الذي مفعول أول لسم.
بِالضّمِيرِ: هذا مفعول ثاني، وسم: هذه تتعدى إلى مفعولين، الكثير أنها تتعدى إلى مفعولين بنفسها، يعني بدون واسطة، وقد تتعدى إلى الثاني بحرف الباء، سم ولدك عمْراً، ولدك هذا مفعول أول، عمْراً مفعول ثاني، سم ولدك بعمرو، هذا جائز أن يتعدى إلى الثاني بحرف الجر، هنا قال: سم ما لذي غيبة يعني: ما وضع، سمه بماذا؟ بالضمير.
فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أوْ حُضُورِ
غَيْبَةٍ: أي: لغائب، أو لذي حضور مع اعتبار دلالته على الغيبة والحضور، فـ (ما) واقعة هنا على جامد وضع لذي غيبة، يعني لا بد من تفسيره بجامد، لأن الضمائر كلها جوامد، بمعنى: أنها غير مشتقة، وبمعنى أنها لا يتصرف فيها، لا تصغر ولا تثنى ولا تجمع، تبقى كما هي، ولذلك إذا أريد التثنية: ضربتُ ضربتَ ضربتما ضربتم ضربتنَّ، حينئذ لما أريد غير المفرد ألحقت به حروف تدل على التثنية وتدل على الجمع، وأما هو في نفسه فلا يتصرف فيه، لا يصغر ولا يثنى ولا يجمع، بل يلحق به حروف تدل على التثنية وتدل على الجمع.
إذاً: هو جامد، وسيأتي هذا: وَكُلّ مُضْمَرٍ لَهُ الْبِنَا يَجِبْ
فَمَا: ما واقعة على جامد، فخرج بـ (ما) لفظ غائب وحاضر ومتكلم، إذا قلنا الضمير ثلاثة أقسام: يدل على الغيبة، ويدل على التكلم، ويدل على الخطاب، يرد السؤال: لفظ خطاب نفسه هل هو ضمير أو لا؟ غيبة نفس اللفظ هل هو ضمير أو لا؟ ليس بلفظ، لماذا؛ لأن الضمير ذاك يدل على ذي، يعني على صاحب غيبة، لا بد من هذا القيد: صاحب غيبة، جاء زيد فأكرمته، الضمير هنا يدل على غائب.
إذاً: (ما) واقعة على جامد، فخرج بـ (ما) لفظ غائب، ولفظ حاضر، ولفظ متكلم ومخاطب، وبما بعده ضمير الفصل وياء الغيبة، ضمير الفصل سمي ضميراً مجازاً وإلا هو ليس بضمير، زيد هو الكريم، ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [البقرة:5] أولئك: هذا مبتدأ، المفلحون: خبر، هو ضمير فصل يفيد القصر والحصر، هل له محل من الإعراب؟ الصحيح لا، ليس له محل من الإعراب، وإنما هو مما يفيد القصر والحصر.
إذاً: أولئك ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) [البقرة:5] هم كذلك مثله، وحينئذ نقول: أولئك مبتدأ، المفلحون هم، المفلحون: خبر، هم: هذا ضمير فصل لا محل له من الإعراب، سميناه ضميراً لماذا؟ مجازاً، لأنه على صورة الضمير، ثم هل هو ضمير من المعارف؟ نقول: لا، ليس من المعارف، ولذلك لا يصدق عليه الحد.
إذاً: فَمَا لِذِي غَيْبَةٍ أوْ حُضُورِ