إذاً قوله: قابل (أل) ليس كقوله السابق في علامات الأسماء، لأننا هناك نعمم، فنقول: (أل) مُعَرِّفة كالرجل، وزائدة كالعباس، وموصولة كالضارب والمضروب، هنا كل هذا لا يصلح، بل نخصص (أل) هنا بكونها مؤثرة التعريف، فحينئذ الزائدة خارجة ليست داخلة معنا، ليست على كون مدخولها نكرة، العباس، الحارث، اليزيد، نقول: هذه (أل)، هل (أل) هذه تدل على أن مدخولها نكرة؟ الجواب: لا، مع كونها تدل على أن مدخولها اسمٌ، إذاً: أثبتت الاسمية ولم تثبت النكرة، لأن مطلق (أل) يدل على الاسمية، وأما النكرة فلا بد من بعض أنواع (أل) وهي المعرِّفة التي تؤثر التعريف، يعني: يكتسب الاسم تعريفاً بدخول (أل).
كذلك: الضارب، المضروب، نقول: الضارب هذا ليس بمعرفة، هو اسم بدليل دخول (أل) الموصولة، والمضروب اسم بدليل دخول (أل) الموصولة، لكن هل هو نكرة؟ هل هو معرفة؟ (أل) هذه ليست مؤثرة التعريف في مدخولها، حينئذ انتفى عنها خاصية النكرة، فلا نحكم على المضروب والضارب بأنه معرفة؛ لأن الذي ينقله من التنكير إلى التعريف هو (أل) المعرفة وهذه موصولة.
إذاً: مُؤَثِّرَا: هذا قيد في (أل)، احترز به عن الزائدة فليست من علامات النكرة، واحترز به عن (أل) الموصولة في اسم الفاعل واسم المفعول.
نَكِرَةٌ قَابِلُ أَلْ: حال كونه مؤثراً التعريف، ولذلك قال ابن عقيل: النكرة ما يقبل (أل) وتؤثر فيه التعريف، واحترز بقوله: وتؤثر فيه التعريف مما يقبل (أل) ولا تؤثر فيه التعريف، إذاً: عندنا (أل وأل) كعباس علماً، فإنك تقول: العباس فتدخل عليه (أل)، لكنها لم تؤثر فيه التعريف؛ لأنه معرفة قبل دخولها عليه، وَطِبْتَ النَّفْسَ، هذه لم تعرفها، هذه زائدة، وسيأتينا في (أل):
وَقَدْ تُزَادُ لاَزِمَاً كَالَّلاتِ ... ... وَطِبْتَ النَّفْسَ يا قَيْسُ،،،،،
وَبَعْضُ الأَعْلاَمِ عَلَيْهِ دَخَلاَ ... لِلَمْح مَا قَدْ كَانَ عَنْهُ نُقِلاَ
هذه ليست معرفة، هذه زائدة ولكنها أفادت معنى وهو لمح الصفة، لمح الصفة الأصل قبل العلمية.
هذا هو النوع الأول من نوعي النكرة: ما يقبل (أل) المؤثرة للتعريف، فحينئذ (أل) هنا مقيدة بكونها معرفة احترازاً من (أل) الزائدة و (أل) الموصولية فإنها لا تفيد تعريفاً، بخلاف (أل) في معرفة الاسمية فإنها عامة، لأن المراد هناك إثبات الأعم، وهنا المراد بها إثبات الأخص، والأعم يثبت بـ (أل) مطلقاً، والأخص يثبت بـ (أل) المعرفة فحسب.
أوْ وَاقِعٌ مَوْقِعَ مَا قَدْ ذُكِرَا
هذا هو النوع الثاني من نوعي النكرة.
أوْ: ليس بقابل (أل)، لا تقبل (أل)، لكنها وقعت -يعني النكرة- وقعت موقع ما يقبل (أل)، بذاتها لا تقبل (أل) -اللفظة التي حكمنا عليها بأنها نكرة- لا تقبل (أل) بذاتها، لا تدخل عليها، وإنما نفسرها بمعنى لفظ، هذا اللفظ يقبل (أل)، فنحكم على الكلمة بأنها نكرة.
(ذو) التي بمعنى صاحب، (ذو) لو قال قائل: هل هي معرفة أو نكرة؟ هل تقول: الذو تدخل عليها أل؟ ما تقبل (أل) في ذاتها، لا تقبل (أل) لغة لا عقلاً، أما العقل يجوِّز، العقل يجوِّز أن تقول: الذو، لا بأس، لكن اللغة -لسان العرب الوضع الأصلي- يمنع أن تدخل (أل) على (ذو).