إذاً: بهذا التقرير نجعل نكرة مبتدأ، وقابل أل: خبر عنه، ولا يصح العكس لكون قابل (أل) نكرة، قَابِلُ (أل): هذا نكرة، وقوله: نَكِرَةٌ، نكرة، أيهما أولى بجعل واحد منهما مبتدأً والثاني خبر؟ لو قلنا: قابل (أل) اكتسب التعريف لجعلناه معرفة ولحكمنا عليه بأنه مبتدأ، لكن كونه نكرة فحينئذ الأولى أن نجعل النكرة هي المبتدأ، قوله: نكرة هي المبتدأ، وقابل (أل) هو الخبر، يرجح هذا أن الذي يريد أن يتحدث عنه ويعرفه هو النكرة، لأنه عنون له قال: النكرة والمعرفة، النكرة غير معلومة، وحينئذ نحتاج إلى تعريفه.
وقال: نَكِرَةٌ قَابِلُ (أَلْ)، إذاً: نكرة نقول: هذا مبتدأ، وجوز أو سوغ الابتداء به كونه في معرض التقسيم أو نجعله صفة لموصوف محذوف، اسم نكرة.
قَابِلُ أَلْ: هذا خبر، وإضافته لفظية؛ لأنه بمعنى: يقبل (أل)، وقيل: تذكير قابل (أل) لأنه صفة لموصوف محذوف، أي: اسم قابل (أل)، والاسم يطلق على المذكر والمؤنث.
ووصفُ النكرة والمعرفة قائمان بالاسم، وهو مذكر كما تقول: العلامة حاضر،
الحاصل: أن قوله: نكرة: مبتدأ، وقابل أل: هذا خبره.
مُؤَثِّرَا: هذا تتميم للحد والتعريف، مؤثراً أي: حال كونه مؤثراً، (أل) مؤثراً، بمعنى: أن المضاف إليه من صفته ووصفه اللازم الذي يصح أن يجعل علامة على أن مدخوله نكرة أن يكون مؤثراً، والتأثير هنا المراد به التعريف، ولذلك نقول: (أل) معرفة، هي التي تكون علامة لكون مدخولها نكرة، وهذا بخلاف (أل) التي تذكر في مقام معرفة الاسم، هناك قلنا: بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَأَلْ، هذا عام يشمل (أل) المعرفة و (أل) الزائدة و (أل) الموصولة، هنا لا يصح هذا التقسيم، هنا نقول: (أل) المراد بها المعرِّفة فحسب، إذ فرق بين علامة الاسم وعلامة النكرة، لأننا نثبت كون الكلمة اسماً، هذا أولاً، والاسم عام يشمل المعرفة ويشمل النكرة، إذاً: هو جنس تحته فردان: معرفة ونكرة، إذا أردنا أن نثبت أحد النوعين لا بد من قدر زائد على مطلق علامة الاسم، فليس كل ما كان علامة على اسمية الكلمة فهو علامة على كونها نكرة أو معرفة، والعكس صحيح، كل ما كان علامة على كون الكلمة نكرة فهو علامة على الاسمية؛ لأن إثبات الأخص يستلزم إثبات الأعم، القواعد الأربع: إثبات الأخص -الذي هو نكرة- يستلزم إثبات الأعم، إذ كل نكرة اسم ولا عكس، إذا أثبتنا الأخص بعلامة:
فَكُلُّ مَا رُبَّ عَلَيْهِ تَدْخُلُ ... فَإِنَّهُ مُنَكَّرٌ يَا رَجُلُ
فإذا قلنا: رُبَّ رجل، أثبتنا أنه نكرة، من باب أولى أثبتنا أنه اسم، كل علامة على كون مدخول اللفظ نكرة فهو علامة على الاسمية.
إذاً نقول: ليس كل ما كان علامة على اسمية الكلمة فهو علامة على كونها نكرة، والعكس صحيح، إذ العلاقة بين الاسم والنكرة العموم والخصوص المطلق، كل نكرة اسم ولا عكس، فحينئذ إذا أثبتنا كون الكلمة اسماً لا يلزم من ذلك أن تكون نكرة، وعليه قوله في ما سبق:
بالجَرِّ وَالْتَّنْوِينِ وَالنِّدَا وَ (أَلْ) هذا مطلق عام؛ لأننا نقصد تمييز الاسم عن الفعل والحرف، وهنا نريد أن ندخل في داخل الاسم، ففيه نكرة ومعرفة، نريد أن نميز بين النوعين، إذاً نحتاج إلى علامة أخص من مطلق علامة الاسم؟