وَاجْعَلْ لِنَحْوِ، يعني: لمثل، يَفْعَلاَنِ، هكذا بالياء (يفعلان)، من كل فعل مضارع اتصل به ألف الاثنين، يَفْعَلاَنِ: فعل مضارع اتصل به ألف الاثنين اسماً أو حرفاً، أي: شخصين سواء كان مخاطبين أو مخاطبتين أو غائبين أو غائبتين، اسماً أو حرفاً؛ لأن الفعل إذا كان على هذه الصورة يفعلان فقلت: الزيدان يضربان، الزيدان: مبتدأ، ويضربان: هذا فعل مضارع، والألف فيه فاعل، حينئذٍ أُسند الفعل إلى الفاعل، وأما يفعلان الزيدان، قاعدة: الأصل في لغة العرب أن الفعل إذا أُسند إلى فاعل مثنى أو جمع أن يُجرَّد من علامة تدل على التثنية أو على الجمع.
وَجَرِّدِ الْفِعْلَ إذَا مَا أُسْنِدَا ... لاِثْنَيْنِ أَوْ جَمْعٍ كَفَازَ الشُّهَدَا
تقول: قام الزيدان، وقام الزيدون، وقام زيد كالمفرد، لكن سُمِع من يُلحق الفعل علامة تثنية إذا أسند إلى فاعل مثنى، وعلامة جمع إذا أُسند إلى فاعل وهو جمع، فيقول: قام زيدٌ، قامت هندٌ، قاما الزيدان، قاموا الزيدون، وهذا بناءً على أن هذه علامة تثنية أو علامة جمع، يفعلان يضربان الزيدان، القول فيه كالقول في سابقه، فيضربان نقول: هذه الألف على لغة (أكلوني البراغيث)، هذه الألف حرفٌ دال على التثنية، وليست بفاعل، ليست بضمير، بل الفاعل الذي يليه زيدان، فيضربان: فعل مضارع مرفوع ورفعه ثبوت النون، والألف حرف دال على التثنية ليس بفاعل لا محل له من الإعراب، والزيدان فاعل، هل هذا معدود من الأمثلة الخمسة أو لا؟ النحاة عمموا، فجعلوا (يفعلان) بقطع النظر عن كون الألف ضميراً فاعلاً أو حرفاً، سواء كان على لغة جمهور العرب أو أكلوني البراغيث، فهو حكم عام.
إذن يفعلان، نقول: من كل فعل مضارع اتصل به ألف اثنين اسماً أو حرفاً، سواءً كان مبدوءاً بالياء أو بالتاء، يفعلان أو تفعلان، وأشار المصنِّف بقوله: لِنَحْوِ، أشار إلى إدخال تفعلان بالتاء للخطاب، حينئذٍ سواء كان بالياء للغائب، أو صار بالتاء للخطاب أو الغائبتين.
وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ النُّونَا رَفْعاً، ما إعراب النون؟ مفعول، ورَفْعاً: مفعول ثانٍ، وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ، اجعل النون رفعاً، اجعل النون، أي نون؟ هل سبق لها ذكر -النون نون الرفع-؟
لم يسبق قطعاً؛ لأنه باب الكلام والاسم والفعل والحرف والعلامات ثم باب المعرب والمبني، ثم بدأنا: وفعل أمر ومضي، ثم بعد ذلك بدأ في أبواب النيابة، إذن لم يذكر.
النون هذه (أل) للعهد الحضوري، النون الحاضرة التي هي في يفعلان وليست (أل) هذه للعهد الذِّكْري الذي يحتال سبق ذكر النون فيما مضى، رَفْعاً، أي: علامة للرفع، فالأصل علامة رفع، وَاجْعَلْ لِنَحْوِ يَفْعَلاَنِ النُّونَا، الألف للإطلاق، ورَفْعاً، أي: علامة رفع، فحُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فانتصب انتصابه.