وهنا كذلك: (أُكْرِمُ) حُذِفَت الهمزة التي هي (أَفْعَل)، وهذا هو الصَّواب: أنَّ الهمزة التي هي همزة (أَفْعَلْ) هي المحذوفة، أمَّا همزة المُتكلِّم فلا تُحْذَفُ.

نحو قولك في (أَكْرَمَ): يُكْرِمُ، والأصل: يُؤَكْرِمُ، ونحو: مُكْرِمْ وَمُكْرَمْ، والأصل: مُؤَكْرِمٌ وَمُؤَكْرَمٌ بالهمز، فَحُذِفَت الهمزة في اسم الفاعل واسم المفعول حملاً على المضارع، والمضارع فيما عدى الهمزة محمولاً على المبدوء بالهمزة، والمبدوء بالهمزة إنَّما حُذِفَت الهمزة من (أَفْعَلْ) دفعاً للاستثقال.

ظِلْتُ وَظَلْتُ فِي ظَلِلْتُ اسْتُعْمِلاَ ... وَقِرْنَ فِي اقْرِرْنَ وَقَرْنَ نُقِلاَ

(قِرْنَ) .. (قَرْنَ) فيه وجهان، (ظِلْتُ) هذا مبتدأ، (وَظَلْتُ) معطوفٌ عليه، (فِي ظَلِلْتُ اسْتُعْمِلاَ) (اسْتُعْمِلاَ) الألف للإطلاق، أو فاعل، أو نائب فاعل .. واحد من الثلاث؟ (اسْتُعْمِلاَ) نائب فاعل، لأنَّه يعود على: (ظِلْتُ وَظَلْتُ)، (فِي ظَلِلْتُ) هذا جار ومجرور مُتعلَّق بقوله: (اسْتُعْمِلاَ)، وجملة (اسْتُعْمِلاَ) خبر المبتدأ.

يعني: إذا كان الفعل ثلاثياً مكسور العين - هذا الضَّابط - وعينه ولامه من جنسٍ واحد. فِعل ثلاثي مكسور العين على وزن (فَعِلَ)، وعينه ولامه من جنسٍ واحد، (ظَلَّ) أصله: ظَلِلَ، إذاً: على وزن (فَعِلَ)، والعين واللام من جنس واحد، فإنَّه يُسْتَعْمَل في حالة إسناده إلى الضَّمير المتُحرِّك على ثلاثة أوجه، ولذلك مَثَّل له بـ: (ظِلْتُ) مسند إلى التاء، (وَظَلْتُ وظَلِلْتُ) كم وجه؟ ثلاثة على وزن (فَعِلَ)، وعينه ولامه من جنسٍ واحد، وحينئذٍ جاز لك ثلاثة أوجه: فكُّ (ظَلِلْتُ) وهذا الأصل، لأنَّ أصله (ظَلَّ)، حينئذٍ استعمل تامَّاً كما هو لم يُحْذَف منه شيء، ولم يحصل له إعلالٌ.

إذاً: (ظَلِلْتُ) هذا تام، (فِي ظَلِلْتُ)، ولذلك قَدَّمه وجعله أصلاً، وجعل (ظِلْتُ وَظَلْتُ) مستعملين في (ظَلِلْتُ) لماذا؟ لأنَّهما فرعان، والأصل هو الفَكُّ، ويجوز (ظِلْتُ) بالنَّقل والحذف، ماذا حصل؟ الأصل: (ظَلِلْتُ) نُقِلَت حركة اللام إلى ما قبلها وبعد إسقاطها، ثُمَّ حُذِفَت اللام.

(ظِلْتُ) نقول: هذه الكسرة دليلٌ على حركة العين، أنَّه من باب (فَعِلَ)، وإلا فالأصل عدم الجواز، لماذا؟ لأنَّه لو لم ينقُل حركة العين إلى الفاء لجهلنا الباب، هل هو من باب (فَعِلَ) أو (فَعَلَ)؟ حينئذٍ لَمَّا قال: (ظِلْتُ) أصله (ظَلِلْتُ)، نُقِلَت حركة اللام إلى ما قبلها بعد إسقاط حركة الظَّاد، ثُمَّ حُذِفَت اللام، (ظَلْتُ) حُذِفَت اللام فقط ولم يحصل إعلالٌ بالنَّقل، فجاز فيه وجهان.

ظاهر النَّظم: أنَّ هذا الحكم مخصوصٌ بهذا اللفظ فقط (ظَلَّ) فيجوز فيه ثلاثة أوجه:

- إمَّا أن يُسْتَعْمَل تامَّاً.

- وإمَّا محذوف العين بعد نقل حركتها.

- وإمَّا مع ترك النَّقل، يعني: حذف العين مع ترك النَّقل، وزاد سيبويه (مَسَسْتُ)، وفي القياس عليهما خلافٌ بين النُّحاة.

إذاً:

ظِلْتُ وَظَلْتُ فِي ظَلِلْتُ اسْتُعْمِلاَ ..

عرفنا أن المراد به: الثلاثي مكسور العين، إذا كانت عينه ولامه من جنسٍ واحد، حينئذٍ إذا أُسْنِدَ إلى الضمير المُتحرِّك يُسَكَّن آخره، فيجوز استعماله بأحد ثلاثة أوجه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015