الأول: أن يكون حرف المضارعة مفتوحاً.
والثاني: أن يكون ما بعده مكسوراً، وسيأتي باب (وَهَبَ).
فَا أَمْرٍ اوْ مُضَارِعٍ مِنْ كَوَعَدْ ... احْذِفْ. . . . . . . . . . . . . .
(فَا أَمْرٍ) (احْذِفْ فَا أَمْرٍ) إذاً: مفعول مُقدَّم، و (فَا) مضاف، و (أَمْرٍ) مضاف إليه، (أَوْ مُضَارِعٍ) معطوف على (أَمْرٍ).
(مِنْ كَوَعَدْ) هذا حالٌ من (أَمْرٍ) وما عُطِفَ عليه، حال كونه .. الفاء من الأمر والمضارع (مِنْ كَوَعَدْ)، انظر: دخلت (مِنْ) على الكاف، فصارت الكاف هنا اسْميَّة، (مِنْ مثل وَعَدْ) تَعيِّن هنا أن تكون الكاف اسْميَّة؛ لدخول حرف الجر عليها.
إذاً: (مِنْ مثل وَعَدْ احْذِفْ) فيجب حذف فاء الكلمة إذا كانت واواً في الأمثلة التي ذكرها النَّاظم هنا، وهي فيما إذا كانت فَاء أَمْرٍ، أوْ مُضَارِع، أو مصدرٍ، فالمواضع التي يجب حذف فاء الكلمة إذا كانت واواً ثلاثة مواضع:
- الأول: فعل الأمر نحو: عِدْ، وهذا ليست فيه العِلَّة .. غير موجودة، لأنَّه يُشْتَرَط: أن يكون ما قبلها ياء مفتوحة، وهنا: عِدْ، ليس فيها ياء مفتوحة، قالوا: حملاً على المضارع، -وما أكثر العِلَّة أن تكون عند الصرفيين: حملاً على كذا من باب طرد الباب فقط - لوجود مقتضى الحذف فيه، يعني: في المضارع، أمَّا الأمر فليس فيه مقتضى الحذف، حينئذٍ نقول: السَّماع هكذا.
- الثاني: الفعل المضارع إذا كان مكسور العين، يعني: من باب (يَفْعِلُ) نحو: يَعِدُ، فأصله: يَوْعِدُ، وقعت الواو بين عَدُوَّتَيْهَا .. بين ياءٍ وكسرة لازمة فقيل: يَعِدُ، إذاً: وُجِدَ المقتضي في الفعل المضارع إذا كان على وزن (يَفْعِلُ)، وَحُمِلَ عليه: أَعِدُ وَنَعِدُ وَتَعِدُ، أيضاً طرداً للباب، لأنَّه غير موجودة فيها العِلَّة، (أَعِدُ) أين وقوع الواو هنا بين عَدُوَّتيها؟ لم يوجد، لأنَّه من شرط العدو الأول: أن يكون ياءً مفتوحة، وهنا (أَعِدُ) وُجِدَت فتحة لكن دون ياءٍ، إذاً الأصل: عدم الحذف لكن قالوا: حملاً على (يَعِدُ)، وَحُمِلَ عليه: أَعِدُ وَنَعِدُ وَتَعِدُ.
- الثالث: المصدر من نحو: وَعَدَ، وهو محمولٌ على الفعل في الحذف، حينئذٍ يجب في المصدر التَّعويض إذا حُذِفَ، وهذا مِمَّا يدل على أنَّ الحمل ضعيف، لأنَّ المصدر فرعٌ .. محمولٌ على الفعل، لم يُعَوَّض في الفعل وإنَّما عُوِّض في المصدر، عُوِّضَ في الفرع دون الأصل، هذا ضعف.
إذاً: عِدَة، مأخوذٌ من الوعد وهو مصدره، حينئذٍ نقول: عِدَةٌ، هذه التاء عِوَضٌ عن الفاء، وسبق أنَّ العِوَض لا يُشْتَرَط: أن يكون في مكان المُعَوَّض عنه، ويجب في المصدر تعويض الهاء من المحذوف المبني على (فِعْلَةٍ) ولذلك قال:
وَفِي كَعِدَةٍ ذَاكَ اطَّرَدَ ..
(ذَاكَ) هذا مبتدأ، و (اطَّرَدَ) خبره، والضمير هنا (اطَّرَدَ) يعود إلى (ذَاكَ)، (ذَاكَ) أي: حذف الفاء، اطَّرَدَ فِي كَعِدَةٍ، كما أنَّه مُطَّرد في فاء أمرٍ أو مضارع، فهو مُطَّرِد فيما سبق، وَمُطَّرِدٌ فيما ذكره من المصدر، (وَفِي كَعِدَةٍ) مصدراً، فلو كان اسماً لم يُحْذَف منه شيء نحو: وِجْهَه، قالوا: هذا اسمٌ وليس بمصدر، حينئذٍ صَحَّت الفاء ولم تُحْذَف.