واستثنى مِمَّا يُضَمُّ ويقلب واواً: إذا لم تكن مُتطرِّفة، فإن كانت مُتطرِّفة قُلِبَت ياءً مُطلقاً، ولذلك قال: (فَذَاكَ يَاءً مُطْلَقَاً جَا)، ثُمَّ ذكر فيما إذا كانت همزتان أولاهما همزة المُتكلِّم، ولماذا استثنى هذا النوع ولم يدخله فيما سبق؟ لأنَّه قَيَّد قال: (مِنْ كِلْمَةٍ) الكلام كله من كلمةٍ، وعند النُّحاة همزة المُتكلِّم ليست دَاخلةً في الكلمة، ولذلك: ((أَأَنذَرْتَهُمْ)) [البقرة:6] لم يُعامل مثل هذه المعاملة عند النُّحاة، لأنَّه يُعْتَبَر كلمتين، بخلاف القُرَّاء فيجعلونه كلمة واحدة، فَثَمَّ اصطلاحٌ خاص عند القُرَّاء، واصطلاحٌ خاصٌّ عند النُّحاة، (أَأَنذَرْتَهُمْ) هذا كلمة واحدة عند القُرَّاء، وكلمتان عند النُّحاة.
ثُمَّ قال رحمه الله:
وَيَاءً اقْلِبْ أَلِفَاً كَسْراًً تَلاَ ... أَوْ يَاءَ تَصْغِيرٍ بِوَاوٍ ذَا افْعَلاَ
فِي آخِرٍ أَوْ قَبْلَ تَا التَّأْنِيثِ أَوْ ... زِيَادَتَي فَعْلاَنَ ذَا أَيْضَاً رَأَوْا
فِي مَصْدَرِ الْمُعْتَلِّ عَيْنَاً وَالْفِعَلْ ... مِنْهُ صَحِيْحٌ غَالِبَاً نَحْوُ الْحِوَلْ
اقلب ألفاً ياءً، إذاً: هذا شروعٌ منه في قلب الألف ياءً، وهذه في موضعين .. تقلب الألف ياءً في موضعين:
الأول قال:
اقْلِبْ أَلِفَاً يَاءً تَلاَ كَسْراًً ..
(اقْلِبْ أَلِفَاً) (اقْلِبْ) فعل أمر والفاعل أنت، و (أَلِفَاً) مفعول أول، و (يَاءً) مفعول ثاني، إذاً: (اقْلِبْ أَلِفَاً يَاءً) متى؟ (تَلاَ كَسْراًً) (تَلاَ) الضمير هنا يعود على الألف .. تلا الألف كسراً، (كَسْرَاً) هذا مفعول (تَلاَ)، والجملة نعت لـ: (أَلِف) ألفاً تالياً كسراً، (أَوْ يَاءَ تَصْغِيرٍ) أو وقعت الألف بعد ياء تصغير، فَتَقْلِب الألف ياءً وَتُدْغِم الياء في الياء مثل: غزال .. غُزَيِّل، أصله: غُزَيْ، ثُمَّ ألف .. ألف: غزال، قُلِبَت الألف ياءً لوقوعها بعد ياء التَّصغير فأدغمت الياء في الياء.
إذاً: ذكر لنا أن الألف يجب قلبها ياءً في موضعين:
الأول: أن يعرض كسر ما قبلها كـ: مصابيح، في جمع: مصباح، فانقلبت الألف فيه ياءً: مصباح .. مصابيح، من أين جاءت هذه الياء؟ مصابيح هذه الياء هي الألف في: مصباح، وقعت بعد كسرة، لأنَّه على وزن (مَفَاعِيْل)، إذاً: لا بُدَّ أن يكون على كسرٍ، لأنَّ الوزن مُقيَّد بكسر ما بعد الألف، (مَفَاعِيل) ثُمَّ جاءت الألف وقعت بعد كسرة فَقُلِبَت الألف ياءً فصار: مصابيح.
إذاً الأول: أن يعرض كسر ما قبلها كـ: مصابيح، في جمع (مصباح)، فانقلبت الألف فيه ياءً لكسر ما قبلها، إذ لا يصحُّ النُّطق بالألف بعد غير الفتحة، كما أنَّ الألف تُقْلَب واواً بعد ضَمَّةٍ، كذلك تُقْلَب ياءً بعد كسرةٍ.
الثاني: أن يقع قبلها ياء التصغير نحو: غزال .. غُزَيِّل في تصغير (غزال)، بإبدال الألف ياءً وإدغام ياء التصغير فيها، لأنَّ ياء التصغير لا تكون إلا ساكنة، فلم يمكن النطق بالألف بعدها، قد يقول قائل: لماذا لا نُحَرِّك الياء بالفتحة لمناسبة الألف؟ نقول: لا، ياء التصغير يلزم أن تكون ساكنة، لأنَّه جيء بها لمعنى فتبقى على ما هي عليه.