إذاً الضَّابط هنا نقول على جهة العموم: إن يُفْتَح الهمز الثاني وكان كُلٌّ من الهمزتين مُتحرِّكتين، حينئذٍ إذا فُتِحت الهمزة الثانية بعد ضَمٍّ أو فتحٍ قُلِبَت واواً يعني: الثانية، وتنقلب ياءً بعد كسرٍ.
قال الشَّارح: "وإن تَحرَّكت ثانيتهما، فإن كانت حركتها فتحة، وحركة ما قبلها فتحة أو ضَمَّة قُلِبَت واواً، فالأول نحو: أوادم، جمع: آدم، وأصله: أُأَدِمْ، والثاني نحو: أُوَيْدِم، تصغير: آدم، وهذا هو المراد بقوله:
إِنْ يُفْتَحِ اثْرَ ضَمٍّ اوْ فَتْحٍ قُلِبْ ... وَاوَاً. . . . . . . . . . . . . . . . . .
وإن كانت حركة ما قبلها كسرة قُلِبت ياءً نحو: إِيَمٌّ، وهو مثال (إصبع)، بكسر الهمزة وفتح الثالث من: أَمَّ، وهذا من التمارين، يقول لك: ائتِ أَمَّ، هذا فعل، سَمِّ به .. ائتِ به على وزن (إصبع)، حينئذٍ: أَمَّ، أصله: إِئَمَّمٌ (إِفْعَلٌ)، فَنُقِلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة التي قبلها وهي ساكنة: مَمٌ، الميم الأولى مُتحرِّكة والهمزة ساكنة، نُقِلَت حركة الميم إلى الهمزة فصارت الثانية مفتوحة (إِثْرَ كَسْرٍ).
فَنُقِلت حركة الميم الأولى إلى الهمزة التي قبلها وهي ساكنة، وَأُدْغِمَت الميم في الميم فصار: إِئَمٌّ، الأولى مكسورة على الأصل، حركة الهمزة الثانية جاءت من الميم، ثُمَّ أُدْغِمت الميم في الميم فصار (إِئَمٌّ) بالتشديد، ثُمَّ قُلِبَت الهمزة الثانية ياءً فصار: إِيَمٌّ، وهذا المراد بقوله: (وَيَاءً إِثْرَ كَسْرٍ يَنْقَلِبْ).
إذاً: إذا كانتا متحركتين؛ فالثانية إن كانت مفتوحة قُلِبَت واواً، إذا كانت بعد فتحٍ أو ضَمٍّ، وقلبت ياءً بعد كسرٍ، (إِنْ يُفْتَحِ) (إِنْ) شرطية، و (يُفْتَح) نائب الفاعل يعود إلى الهمز مُغيَّر الصيغة، (إِثْرَ ضَمٍّ) هذا ظرف مُتعلِّق بقوله: (يُفْتَحْ)، (أَوْ) للتَّنويع، (فَتْحٍ) معطوف على (ضَمٍّ)، يعني: إثر فتحٍ.
(قُلِبْ) الهمز الثاني، هذا جواب الشَّرط، (قُلِبَ وَاوَاً) فيه ضمير مستتر نائب فاعل هو المفعول الأول، و (وَاوَاً) هذا مفعول ثاني، (وَيَاءً إِثْرَ كَسْرٍ يَنْقَلِبْ) (يَاءً) هذا حالٌ من فاعل (يَنْقَلِبْ)، وينقلب الهمز مفتوح الثاني .. ينقلب ياءً متى؟ (إِثْرَ كَسْرٍ) هذا مُتعلِّق به.
(ذُو الْكَسْرِ مُطْلَقاً كَذَا)، (ذُو) هذا مبتدأ، وهو مضاف، و (الْكَسْرِ) مضافٌ إليه، (كَذَا) أي: مثل (ذا) على التَّفصيل السَّابق، (مُطْلَقاً) هذا حالٌ من الضمير المستتر في الخبر، لأنَّ (كَذَا) جار ومجرور مُتعلِّق بكائن، كائن فيه ضمير .. حال كونه مُطلقاً، (ذُو الْكَسْرِ) كائنٌ (مُطْلَقاً) كائنٌ: فيه ضمير مستتر يعود على (ذُو الْكَسْرِ) حال كونه (مُطْلَقاً).
(ذُو الْكَسْرِ مُطْلَقاً كَذَا) أشار به إلى أنَّ الهمزة الثانية إذا كانت مكسورة تُقْلَب ياءً مُطلقاً، يعني: سواءٌ كانت التي قبلها مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة، فإن كانت الثانية مكسورة مع الأحوال الثلاثة قُلِبَت الثانية ياءً مُطلقاً، يعني: لا تُقْلَب واو، بخلاف المفتوحة، المفتوحة قد تُقْلَب واواً إذا وقعت إثر ضَمٍّ أو فتحٍ، وتقلب ياءً إذا وقعت إثر كسرٍ.