إذاً: هذا الموضع الثالث الذي تُقْلَب فيه الواو أو الياء، وزاد النَّاظم مع الألف تُقْلَب همزةً.
قال الشَّارح: " تُبْدَل الهمزة أيضاً مِمَّا ولي ألف الجمع الذي على مثل (مَفَاعِلْ)، ثُمَّ يكون (فَعَائِلْ)، إن كان مَدَّةً مزيدة في الواحد نحو: قلادة وقلائد، وصحيفة وصحائف، وعجوز وعجائز " (عجوز) يُطْلَق على الذَّكر والأنثى (فَعُول)، (عجوزة) هذا خلاف الأصل.
فلو كان غير مَدَّة لم تُبْدَل نحو: قَسْوَرَة وَقَسَاوِرْ، صَحَّت الواو في الجمع، لم تُبْدل همزة لانتفاء شرط كونها مَدَّة في المفرد، وهكذا إن كان مَدَّة غير زائدة نحو (مَفَازَة): مَفَاوِزْ، صحَّت الواو، و (معيشة) ومعايش، إلا فيما سُمِع فَيُحْفَظ ولا يُقاس عليه نحو: مصيبة ومصائب، هذا يُحْفَظ ولا يقاس عليه، كذلك: منارة ومنائر، هذا يُحْفَظ ولا يقاس عليه: منائر، نقول: هذا شاذٌّ.
وأشار إلى الموضع الرابع بقوله:
كَذَاكَ ثَانِي لَيِّنَيْنِ اكْتَنَفَا ... مَدَّ مَفَاعِلَ كَجَمْعٍ نَيِّفَا
(كَذَاكَ) أي: مثل ذاك، المشار إليه: قلب حرف العِلَّة همزة الذي هو الواو والياء، (ثَانِي لَيِّنَيْنِ) (لَيِّنَيْنِ) يعني: حرف عِلَّة، وأطلق النَّاظم فيشمل حينئذٍ أربع صور .. سيأتي، (اكْتَنَفَا) .. (كَذَاكَ) خبر مُقدَّم، (ثَانِي) هذا مبتدأ مُؤخَّر وهو مضاف، و (لَيِّنَيْنِ) مضاف إليه، (اكْتَنَفَا) فعل ماضي مبني للمعلوم، والألف هذه فاعل، (اكْتَنَفَ) بمعنى: أحاط يعني: تَوسَّط.
(مَدَّ مَفَاعِلَ) (مَدَّ) هذا مفعولٌ به لقوله: (اكْتَنَفَا)، إذاً: (اكْتَنَفَا) الألف هنا يعود على (لَيِّنَيْنِ)، (مَدَّ مَفَاعِلَ) (مَدَّ) مفعول به، و (مَدَّ) مضاف، و (مَفَاعِلَ) مضاف إليه، احترز به عن (مَفَاعِيْل) طَوَاوِيس، فتصح الواو والياء، (كَجَمْعٍ نَيِّفَا) سيأتي.
إذاً: يعني بهذا البيت الموضع الرابع: وهو مِمَّا تُقْلَب فيه الواو والياء همزة، يعني: أنَّه إذا وقعت ألف التَّكسير بين حرفي عِلَّة، ولذلك قال: (ثَانِي لَيِّنَيْنِ اكْتَنَفَا) اكتنفا ماذا؟ (مَدَّ مَفَاعِلَ).
(اكْتَنَفَا) الألف هذه تعود إلى لـ: (لَيِّنَيْنِ) مضافٌ إليه، (اكْتَنَفَا) ماذا؟ أحاطا بماذا؟ (مَدَّ مَفَاعِلَ)، إذاً: وقع (مَدَّ مَفَاعِلَ) بين حرفي لين: واو واو، ياء ياء، واو ياء، ياء واو أربعة صور، لأنَّ النَّاظم أطلق هنا، إذاً: إذا اكتنفا .. أحاطا بـ: (مَدَّ مَفَاعِلَ) حينئذٍ يأتي الحكم الذي ذكره.
يعني: أنَّه إذا وقعت ألف التكسير بين حرفي عِلَّة وجب إبدال ثانيهما همزة، الثاني الذي هو بعد ألف (مَفَاعِلَ)، تقع ألف (مَفَاعِلْ) بين حرفي عِلَّة، ثُمَّ الثاني هو الذي يقلب همزة، (كَذَاكَ) أي: مثل ذاك السَّابق في قلب الواو والياء همزةً (ثَانِي)، إذاً: الحكم مُنْصَب على الثاني لا على الأول، متى؟ إذا (اكْتَنَفَا مَدَّ مَفَاعِلَ) فوقعت (مَدَّ مَفَاعِلَ) بين حرفي لين، تقلب الثاني الذي بعد الألف، الواو تقلبه همزة، أو الياء تقلبه همزة.