(وَكَذَا أَمْرُ الثُّلاَثِي) هذا الموضع الرابع مِمَّا تُزَاد فيه همزة الوصل قياساً لا سماعاً، (وَكَذَا) أي: مثل (ذا) السَّابق، (أَمْرُ الثُّلاَثِي) (كَذَا) جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف خبر مُقدَّم، (أَمْرُ الثُّلاَثِي) (أَمْرُ) مبتدأ مُؤَخَّر وهو مضاف، و (الثُّلاَثِي) مضاف إليه.

(كَاخْشَ وَامْضِ وَانْفُذَا) كَرَّر الأمثلة هنا لغاية وحكمة، (وَكَذَا أَمْرُ الثُّلاَثِي) الذي يَسْكُن ثاني مضارعه لفظاً .. قَيِّده (كَاخْشَ وَامْضِ وَانْفُذَا) (اخْشَ) هذا أمرٌ من: يَخْشَى، إذاً: (وَكَذَا أَمْرُ الثُّلاَثِي) مُطلقاً كُلُّ أمر ثلاثي؟ الجواب: لا، وإنَّما الذي يسكن ثاني مضارعه لفظاً، لأنَّ القاعدة: أنَّ فعل الأمر إنَّما يُؤْخَذ من المضارع، هو مُشْتَقٌّ من المصدر، لكن عند الصياغة .. عند الاشتقاق كيف نَشْتَقُّه؟ نأخذ من المضارع، ما بعد حرف المضارعة يسقط، وما بعده إمَّا أن يكون مُحَرَّكاً وإمَّا أن يكون ساكناً، إن أسقطنا حرف المضارعة وكان ما بعده مُتَحَرِّكاً لم نحتج إلى همزة الوصل، لأنَّه مُتَحَرِّك، وَيُبْتَدأ بالمُتحرِّك.

إذاً: الغاية التي من أجلها يؤتى بهمزة الوصل غير موجودة، وإذا كان ما بعد حرف المضارعة بعد إسقاطه ساكناً، حينئذٍ احتجنا إلى همزة الوصل: يَخْشَى .. يَمْضِي .. يَنْفُذْ .. يَرْمِيْ .. يَدْعُو، كل هذه أفعال مضارع الثاني منها ساكن، حينئذٍ إذا أردنا الأمر منها وأسقطنا حرف المضارعة صار الحرف الثاني ساكناً، وأمَّا المُتحرِّك لا بُدَّ من إخراجه، وهذا يمكن أن يُؤْخَذ بالأمثلة.

إذاً: (وَكَذَا) أي: مثل (ذا) في كون الهمزة همزة وصلٍ (أَمْرُ الثُّلاَثِي)، الذي يسكن ثاني مضارعه لفظاً، (لفظاً) له قيد .. احتراز، (كَاخْشَ وَامْضِ وَانْفُذْ) يعني: أنَّ كُلَّ همزةٍ افْتُتِح بها فعل الأمر من الثلاثي فهي همزة وصلٍ، سواءٌ كان مضارعه على وزن (يَفْعَل) بفتح العين، نحو: (اخْشَ) مضارعه: يَخْشَى، بفتح العين وهي الشين، إذاً مَثَّل بـ: (اخْشَ) هذا لِمَا كان مضارعه ساكن الثاني مفتوح العين: يَخْشَى.

أو على (يَفْعِلْ) بِما كان مضارعه ساكن الثاني مكسور العين، لأنَّ مضى يمضي العين مكسورة، أو على (يَفْعُل) بسكون الثاني مع ضَمِّ العين، إذاً مطلقاً .. من كل أنواع الفعل المضارع سواءٌ كان مفتوح العين، أو مضموم العين، أو مكسور العين، فإذا كان الثاني ساكناً حينئذٍ اجْتَلَبْنَا همزة الوصل، وإنَّما يكون الخلاف في حركة همزة الوصل فحسب، وأمَّا همزة الوصل فلا بُدَّ منها، لأنَّ الثاني يكون ساكناً.

أو على (يَفْعُلْ) نحو (انْفُذْ)، وهذه فائدة التَّمثيل، لأنَّه عَدَّد بقوله: (اخْشَ وَامْضِ وَانْفُذ)، وَفُهِم من تعداد الأمثلة: أنَّ ذلك إنَّما يكون إذا كان ثاني المضارع ساكناً لفظاً نحو: يَخْشَى وَيَرْمِي وَيَنْفُذْ، فلو كان مُتحرِّكاً لم يؤتَ بهمزة الوصل نحو: يَقُول وَيَعِد، تقول: يقول .. قُلْ، يَعِدُ .. عِدْ، لم نحتج إلى همزة الوصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015