وَتُمَال الألف إذا كانت طرفاً بدلاً من ياء، هذا السَّبب الأول، (طرفاً) يعني: لا فاءً ولا عيناً، والعين سيأتي التَّفصيل فيها، بدلاً من ياء .. هذا السبب الأول، أو ليست بدلاً من ياء، وإنَّما هي صائرة إلى الياء دون زيادةٍ أو شذوذ، فالأول إذا كانت طرفاً بدلاً من ياء كـ: ألف رَمَى وَمَرْمَى، (رَمَى) منقلبة عن ياء (رَمَيَ) و (مَرْمَى) كذلك، لأنَّه يُقال: رَمَى .. يَرْمِي بالياء، إذاً: الألف في (رَمَى) وما اشْتُقَّ منه .. وما تُصُرِّف منه دائماً تكون الألف مُنقلبة عن ياء، لأنَّ الياء أصْليَّة .. لام الكلمة.

والثاني: وهو ما ليست مُنقلِبة عن الياء، ولكنَّها صائرة إلى الياء كـ: ألف مَلْهَى فإنَّها تَصِير ياءً في التَّثنية نحو: ملهيان .. حبليان ونحو ذلك، واحترز بقوله: (دُونَ مَزِيدٍ أَوْ شُذُوذ) مِمَّا يصير ياءً بسبب زيادة ياء التَّصغير نحو: قُفَىٌّ، أو في لغةٍ شاذَّة (قُفَيٌّ) هنا الألف انقلبت: قَفَا .. يَقْفُو، الألف هذه ليست مُبدلة عن ياءٍ، وانقلبت ياءً لزيادة ياء التَّصغير قبلها.

أو في لغةٍ شاذَّة كقول هُذِيل في (قَفَا) إذا أُضِيفَ إلى ياء المُتكلِّم: قَفَيَّ كما سبق هذا، وأشار بقوله:

. . . . . . . . . . . وَلِمَا ... تَلِيهِ هَا التَّأنِيثِ مَا الْهَا عَدِمَا

إلى أنَّ الألف التي وُجِدَ فيها سبب الإمالة تُمَال، وإن وليتها هاء التَّأنيث كـ: فتاة وقناة ونحو ذلك.

إذاً نحو: قفا وعصا قلنا هنا: (قُفَيٌّ) هذا لا يُمَال، لأنَّ الألف هنا مُنقلبة عن واو، فلا نصيب لها في الإمالة، نحو (قفا) و (عصا) تقول: قَفَوان وَعَصَوَان. نحو (قفا) و (عصا) من الاسم الثلاثي لا يُمَال، لأنَّ ألفه مُبدَلةٌ عن واوٍ لا عن ياء، ثُمَّ لا يَؤُول إلى الياء إلا في شذوذٍ أو بزيادةٍ.

إذاً: لم يُوجد فيه السَّببان: قفا .. عصا، الألف هذه قد يقول قائل: قد تُبْدل ياءً، نقول: هذا إمَّا شاذ إذا أُضِيفت ياء المُتكلِّم في لغة بعض طَي، أو بزيادة ياء التَّصغير، حينئذٍ لم يُوجد فيها السَّببان .. انتفى السَّببان .. ليست مُنقلبة عن ياء، ولا تصير ياءً قياساً، القياس يعني به: ما ذكره النَّاظم هنا.

وأمَّا: دعا وغزا، كذلك (دعا) الألف مُنقلبة عن واواً، و (غزا) الألف مُنقلبة عن واو، هنا تُمَال بخلاف: قفا وعصا، لأنَّ (قفا) و (عصا) الألف في اسمٍ، و (غزا) و (دعا) الألف في فعلٍ وفرقٌ بينهما، ويجوز إمالة الألف في نحو: دعا وغزا، من الفعل، لأنَّك إذا أسندته إلى الضمير ماذا تقول؟ لأنَّها تَؤُول إلى الياء في نحو: دُعِي وَغُزِي، ليس أسندته إلى الضمير وإنما إذا صِيغَ لِمَا لم يُسَمَّ فاعله، حينئذٍ تُقْلَب الألف ياءً، إذاً: دخلت في السَّبب الثاني: وهو ما يَؤُول إلى الياء.

ويجوز إمالة الألف في نحو: دعا وغزا، من الفعل الثلاثي، وإن كانت عن واوٍ لأنَّها تَؤُول إلى الياء، إذاً: وُجِد فيها السَّبب الثاني: وهو كون هذه الألف تصير ياءً، متى؟ إذا بُنِي لِمَا لم يُسَمَّ فاعله: دُعِي وَغُزِي، من المبني للمفعول، وهو عند سيبويه مُطَّرِدٌ، وبهذا يظهر الفرق بين الاسم الثلاثي والفعل الثلاثي إذا كانت ألفهما عن واوٍ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015