قال ابن هشام في (التَّوْضِيح): "وهذا مردودٌ بإجماع المسلمين" يعني: في الثَّاني لا في الأول (قِهْ) .. (عِهْ) مُتَّفق عليه بالوجوب، إنَّما الكلام في المضارع المجزوم إذا لم يبق منه إلا حرفان، ابن مالك يرى وجوب الوقوف عليه بهاء السَّكْت، وابن هشام يقول: الوجوب هذا مردودٌ بإجماع المسلمين.

وهذا مردودٌ بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على: لَمْ أَكُ " (لَمْ أَكُ بَغِيّاً) مثلاً، (لَمْ أَكُ) إذا وقفت عليها قال: وقف القُرَّاء هنا بالسُّكون (لَمْ أَكْ)، وإذا قلنا على رأي ابن مالك لا يجوز أن يُوقف عليه إلا بهاء السَّكْت (لَمْ أَكُهْ)، حينئذٍ كون القُرَّاء يقفون عليه بالسكون وهو مُضارعٌ مجزوم وعلى حرفين الكاف والهمزة، والهمزة زائدة لأنَّها للمُتكلِّم، وقفوا عليه بالسكون حينئذٍ نقول: القول بأنَّه يجب هذا مردودٌ، لماذا؟ لأنَّ القُرَّاء لا يقفون على شيءٍ إلا وهو جائزٌ لغةً، فإذا كان جائزاً لغةً كيف يُقال بالوجوب بأنَّه لا يوقف عليه بهاء السَّكْت؟

((وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ)) [غافر:9] (ومَنْ تَقْ) بالوقف عليه بالسُّكون، لذلك قال: هذا مردودٌ بإجماع المسلمين على وجوب الوقف على: ((لَمْ أَكُ)) [مريم:20] (لَمْ أَكْ) بالسُّكون و (من تَقْ) بالوقوف عليه بسكون القاف .. بترك الهاء ويوقف عليها بالسكون، ما دام أنَّ القُرَّاء وقفوا على (مَنْ تَقِ) بسكون القاف دون هاء السَّكْت دَلَّ على أنَّه جائزٌ لغة، لأنَّه لا يُقال بشيءٍ في القراءات المتواترة البَتَّة إلا وهو جائزٌ لغةً، هو شرطٌ في صِحَّة القراءة، حينئذٍ نقول: القول بالوجوب فيه نظر.

إذاً قوله: (مَا كَعِ) مُسَلَّمٌ به، وأمَّا قوله: (أَوْ كَيَعِ مَجْزُومَاً) هذا فيه نظر، الوجوب بالوقوف بهاء السَّكْت هنا فيه نظر.

ومقتضى تمثيله: أنَّ ذلك إنَّما يجب في المحذوف الفاء، وإنَّما أراد بالتَّمثيل: التنبيه، لأنَّ ابن مالك يعطي الأحكام بالأمثلة، هو مَثَّل بمثالين كُلٌّ منهما محذوف الفاء، قد يُفْهَم منه أنَّ الحكم خاص بمحذوف الفاء، أمَّا محذوف العين فلا.

ومقتضى تمثيله أنَّ ذلك إنَّما يجب في المحذوف الفاء، وإنَّما أراد بالتَّمثيل: التنبيه على ما بقي على حرفٍ واحدٍ أو حرفين أحدهما زائد كما سبق، هذا مراده ولم يُرِد أنَّ (عِ) محذوف الفاء، و (يَعِ) محذوف الفاء، حينئذٍ إنْ كان محذوف العين فلا يكون حكمه كذلك لا .. لا مفهوم له فالحكم عام.

فمحذوف العين كذلك، كما سبق في التَّمثيل: رِهْ .. لَمْ أَرَه، هذا محذوف العين وهو الهمزة، الراء هذه هي فاء الكلمة، وَحُذِفت الياء التي هي: يَرَى، حُذِفت الألف وهي لام الكلمة، وَحُذِفت العين وهي الهمزة، بقي الرَّاء وهي فاء الكلمة، إذاً: الحكم عام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015