فحينئذٍ: فتى، هذا مثل: زيد، لا فرق بينهما في كون كُلٍّ منهما اسماً ثلاثي وهو مُنَوَّن .. قابل للتَّنوين، و (فتى) على الصحيح كما سبق أنَّ تنوينه تنوين تمكين، خلافاً لمن قال بأنَّ تنوينه تنوين تنكير، والصواب: أنَّه تنوين صرف .. تَمكين .. أمْكَنيَّة.
إذاً: استوى مع (زيد)، فما قيل في: زيد، قيل في: فتى، فكما أنَّك قلت: جاء زيد، حُذِف التنوين، حينئذٍ السكون حلَّ محله تقول: جاء فتى، حُذِف التنوين فعادت الألف، لأنَّك إذا قلت: جاء فَتَىً، التقى ساكنان .. نَوَّنت، الألف ساكنة والتنوين نونٌ ساكنة، التقى ساكنان فَحُذِفت الألف: فتىً، ولذلك تكتب التنوين على التَّاء، ما تكتبها على الألف، بعض الطلاب يُشْكِل يقول: لماذا كُتِبت على التاء، والألف هذه أليست هي آخر؟
نقول: لا، الألف هذه محذوفة، إنَّما العبرة بالنطق، تكتب الفتحتين على التاء، حينئذٍ: جاء فتًى، آخر الكلمة التاء، والألف هذه تُكْتَب فقط، ولذلك النُّطق بالتنوين يكون تابعاً للملفوظ، فحينئذٍ تكتب الفتحتين على التاء وتكون الألف محذوفة للتَّخلُّص من التقاء الساكنين.
إذا حذفت التنوين وهو السبب المقتضي لحذف الألف عادت الألف: جاء فتى، هذه الألف رجعت بعد أنَّ حذفنا التنوين الذي كان سبباً في حذف الألف، مثل: جاء زيد، مررت بِزَيْدٍ .. مررت بِفَتًى: الألف محذوفة، مررت بفتى: رجعت الألف، لأنَّنا حذفنا التنوين، إذاً: هذه الألف هي لام الكلمة وليست هي التنَّوين .. ليست بدلاً عن التَّنوين.
(رأيت فتى) .. (رأيت زيدا) هنا التنوين لم يُحْذَف وإنَّما أُبْدِل التنوين ألفاً، قلت: رأيت زَيْدَا، لذلك الدَّال مفتوحة، وإعرابه يكون إعراب ظاهر لا تقدير، نحمل عليه: رأيت فتى، فنقول: رأيت فتى هذه الألف مبدلة عن التنوين وليست هي الألف التي في: جاء فتى ومررت بفتى، حملاً للنَّظير على نظيره، وهذا أولى المذاهب وهو أقربها.
إذاً: المذهب الثالث في: فتى منوَّن إذا وقفت عليه بالألف: اعتباره بالصحيح، يعني: مقايسته بالصحيح وحمله على الصحيح كـ: زيد، وَتُفَصِّل فيه ما فصَّلت في: زَيْدٍ، فالألف في النصب بدلٌ من التَّنوين، وفي الرفع والجر بدلٌ من لام الكلمة، المقصود: أنها عادت، لأنَّها حُذِفت للتَّخلص من التقاء الساكنين، وهذا مذهب سيبويه وهو مذهب معظم النَّحويين، وهذا أصح.
إذاً: الألف إذا وُقِف عليها في المقصور وهو مُنَوَّن حينئذٍ هذه الألف فيها ثلاثة مذاهب:
-ألفٌ أصلية رجعت والتنوين حُذِف مطلقاً: رفعاً ونصباً وخفضاً.
المذهب الثاني: أنها بدلٌ عن التنوين مطلقاً: رفعاً ونصباً وخفضاً، وحينئذٍ يستثنى من كلام النَّاظم: (وَتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا).
المذهب الثالث: حمله على الصحيح، وهذا أولى يعني: يعامل معاملة: زيد، مطلقاً.