إذاً: جاءت مسلمة .. رأيت مسلمة .. مررت بمسلمة، الحكم واحد: جاء زيد .. رأيت زيدا .. مررت بزيد، فيه تفصيل، إذاً: إبدال التنوين ألفاً في: رأيت زيداً نقول: هذا ليس على إطلاقه .. يستثنى منه ما ذكرناه، وأكثر من يقف عليها بالتاء يُسَكِّنها مع التنوين المنصوب، يقول: رأيت قَائِمَةْ .. رأيت مُسْلِمَةْ، بالتاء.

تَنْوِينَاً اثْرَ فَتْحٍ اجْعَلْ أَلِفَا ... وَقْفَاً. . . . . . . . . . . . . . . .

إذاً: استثنينا منه ما كان مؤنَّثاً بالتاء نحو: قائمة، بقي مسألة وهي المقصور، المقصور المُنَوَّن: جاء فَتَىً، إذا وصلته لا إشكال، حينئذٍ يكون التنوين مذكوراً في الوصل رفعاً ونصباً وخفضاً، لكن إذا قلت: رأيت فتى .. جاء فتى .. مررت بفتى، عادت الألف، هذه الألف: هل هي بدلٌ عن التنوين، أم الألف الأصلية، أم ثَمَّ تفصيل؟ نقول: هذه الألف فيها ثلاثة مذاهب للنُّحاة.

المقصور المُنَوَّن يوقف عليه بالألف نحو: رأيت فتى، وفي هذه الألف ثلاثة مذاهب:

الأول: أنَّها بدلٌ من التَّنوين في الأحوال الثلاثة: رفعاً ونصباً وخفضاً.

إذاً: على العكس من: جاء زيد ورأيت زيد ومررت بزيد، وإنَّما وافقه في المنصوب فقط، وعلى المذهب هذا قوله:

وَتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا ..

هذا يُسْتَثنى منه المقصور المُنَوَّن، لأنَّك تقول: جاء فتى، الألف هذه بدلٌ عن التنوين، لم يُحْذَف التنوين: مررت بفتى، وقفت عليه بالألف، هذه الألف بدل عن التنوين، إذاً قوله:

وَتِلْوَ غَيْرِ فَتْحٍ احْذِفَا ..

هذا يُسْتَثْنَى منه – على هذا القول- المقصور المُنَوَّن، لأنَّه يُوقف بالألف .. يُبْدَل التنوين ألفاً مطلقاً: رفعاً ونصباً وخفضاً. المذهب الأول: أنَّها بدلٌ من التنوين في الأحوال الثلاثة، واسْتُصْحِب حذف الألف المنقلبة وصلاً ووقفا، وهذا مذهب الفراء والمازني وهو المفهوم من كلام النَّاظم هنا: بأنَّه تنوينٌ بعد فتحة.

المذهب الثاني: أنَّها الألف المنقلبة في الأحوال الثلاثة، وأنَّ التنوين حُذِف، فلما حُذِف عادت الألف، وهو منقولٌ عن الكوفيين، وذهب إليه النَّاظم في: (الكافية).

المذهب الثاني: أنَّ هذه الألف هي الألف الأصلية والتنوين حُذِف من الثلاث، حينئذٍ: جاء فتى: الألف هذه هي الأصلية والتنوين حُذِف، رأيت فتى: هذه الألف هي الأصلية والتنوين حُذِف، مررت بفتى: هذه الألف هي الأصلية والتنوين محذوف، إذاً: ليس عندنا تنوين مُبْدل على هذا القول.

القول الثالث: اعتباره بالصحيح، وهذا أصح وأرجح يعني: تحمل فتى على زيد، تعتبر المعتل بالصحيح، فما قدَّمته بالصحيح اعتبره هنا وهناك حذفت، لأنَّ الفتى الألف هذه فيها نوع إشكال وإبهام، والتنوين مسلكه واحد، والاسم الذي يدخل عليه التنوين في الأصل مسلكه واحد، فإذا أُبْهِم علينا في معتلٍّ ولم نستطع أن نعرف: ننظر في نظيره .. حمل النظير على النظير، وهو أصلٌ مُطَّرِد كما نَصَّ على ذلك السيوطي في (الأشباه): أنَّ حمل النظير على نظيره هذا هو المُقدَّم عندهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015