هنا قال: (جَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ) حكمان الْتُزِما، هذا الأصل، فإن وقع مثل هذا في مثل هذا الكلام من إمام في اللغة حينئذٍ لا بُدَّ من التأويل، (الْتُزِمْ) هو لا تعيده على (جَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ)، وإنَّما تعيده إلى المذكور، التزم هذا المذكور، وهذا المذكور مثنَّى أو مفرد؟ مفرد فرُدَّ الضمير إليه بهذا الاعتبار، فلا بُدَّ من التأويل، كما سبق في مواضع من أسماء الإشارة.
إذاً: (الْتُزِمْ) هذا خبر والأصل: (الْتُزِما)، ولكن عاد الضمير على المذكور، يعني: من الجبر والفتح.
(وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ)، (شِيَةٍ) مُعتلَّ اللام محذوف الفاء، ومعنى (شِيه): هي كل لونٍ يُخالف معظم لون الفرس وغيره، وأصلها: وِشَى، على وزن (فِعَلْ) بكسر الواو، وفتح الشين، وألف، نُقِلت كسرة الواو إلى الشين بعد سلب الحركة، ثُمَّ سكنت الواو وَحُذِفت، نريد حذف الواو التي هي فاء الكلمة، حذفنا كسرة الواو إلى الشين، حذفنا الواو فصار ماذا؟
نحن نقول: شِيَة، التاء هذه من أين جاءت؟ (عِدَة)، أصل: (عِدَة) من الوعد، حُذِفت الواو وَعُوِّض عنها التاء، مثلها (وِشَى) حُذِفت الواو التي هي فاء الكلمة، وَعُوِّض عنها التاء، ولذلك التَّمثيل بالصحيح المشهور والمحفوظ جيد، لو قال: (كَعِدَةٍ).
(وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ) أصلها: وِشَى، نُقِلت كسرة الواو إلى الشين بعد سلب حركتها، ثُمَّ حُذِفت الواو التي هي فاء الكلمة وَعُوِّض عنها هاء التأنيث، إذا أردنا أن ننسب إلى مثل هذا التَّركيب: شية، يعني: ما حُذِف منه الفاء، وكانت لامه ياءً كـ: شِيَة، ولذلك قلنا: مُعتلَّ اللام و (دية)، يجب جبره وردُّ ما حُذِف منه وهو الواو، ووجب أيضاً مع ذلك فتح عينه، ولذلك تقول في (شِيَةٍ): وِشَوِيٍّ، حذفت العوض .. التاء، ورددت الأصل، وفتحت العين، ما هي العين؟ الشين فتقول: وِشَوِيٌّ.
وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ مَا الْفَا عَدِمْ ..
يعني: مِمَّا عَدِم الفاء وكان مُعتلَّ اللام .. نأخذه من المثال، (فَجَبْرُهُ الْتُزِمْ) يعني: يجب جبره برِدِّ فائه عند النَّسب: وِشَوِيٌّ، (وَفَتْحُ عَيْنِهِ) كذلك (الْتُزِمْ) إذاً: التزم فيه أمران. يعني: ما حُذِف منه الفاء وكانت لامه ياءً كـ: شية ودية، وجب جبره يعني: رَدُّ ما حُذِف منه وهو الواو (وَفَتْحُ عَيْنِهِ).
وَفُهِم منه: أن المحذوف الفاء إذا كان لامه غير ياءٍ لم يُرَد، وهذا مَثَّل له بـ: عِدَة - يعني: التَّمثيل السَّابق خطأ -، (عِدَةٌ) أصله من الوعد حُذِفت الفاء التي هي الواو وَعُوِّض عنها التاء، في الظَّاهر: أنَّها مثل (شِيَة) وهو كذلك، إلا أن الفرق بينهما من حيث إجراء الحكم الذي ذكره النَّاظم هو لام الكلمة، إن كانت لام الكلمة ياءً وجب الرَّد والفتح، وإن كانت لام الكلمة ولو حُذِفت فاؤه حرفاً صحيحاً لم يَجب الرَّد.