قال الشَّارح: إذا نُسِب إلى ثُنَائِيٍّ لا ثالث له، يعني: وضعاً .. عَبَّر عن وضعاً بقوله: لا ثالث له، فلا يَخلُ الثاني إمَّا أن يكون حرفاً صحيحاً، أو حرفاً مُعْتَلَّاً، فإن كان حرفاً صحيحاً جاز فيه التَّضعيف وعدمه، فتقول في (كَمْ): كَمِّيٌّ، وإن كان حرفاً مُعْتَلَّاً وجب تضعيفه فتقول في (لو): لَوِّيٌّ، وإن كان الحرف الثاني ألفاً ضُوعِفَت وَأُبْدِلت الثانية همزةً، فتقول في رجل اسمه (لا): لائِيٌّ، ويجوز قلب الهمزة واواً فتقول: لاويٌّ.
وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ مَا الْفَا عَدِمْ ... فَجَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ الْتُزِمْ
هذا النوع الثاني، قلنا: إذا نُسِب إلى ثُلاثيٍّ حُذِف منه حرف: إمَّا أن يكون المحذوف لاماً وقد سبق، وإمَّا أن يكون عيناً وسكت عنه النَّاظم .. سيأتي، وإمَّا أن يكون فاءً، إذاً: إذا نُسِب إلى ثُنَائِيٍّ حُذِفت فاؤه.
وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ مَا الْفَا عَدِمْ ..
ما عَدِم الفاء.
فَجَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ الْتُزِمْ ..
إذاً: وجب جبره وهو بِردِّ فائه، (وَإِنْ يَكُنْ كَشِيَةٍ)، (وَإِنْ) هذا شرط، و (يَكُنْ) فعل مضارع ناقص .. فعل الشَّرط مجزومٌ بـ (إِنْ)، وجزمه السكون الظَّاهر على آخره، (كَشِيَةٍ) هذا جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف خبر (يَكُنْ) مُقدَّم .. كائناً كَشِيةٍ: هكذا التَّقدير.
(مَا) اسمٌ موصولٌ بِمعنى: الذي، في محل رفع اسم (يَكُنْ)، ما عدم الفاء .. الذي عَدِم، (عَدِمْ) فعل ماضي مبني للمعلوم، والفاعل ضمير مستتر يعود على (مَا)، و (الْفَا) مفعول مُقدَّم لقوله: (عَدِمْ)، والتقدير: وإن يكن الذي اسمٌ ثلاثيٌّ عَدِم الفاء كَشِيَةٍ، (فَجَبْرُهُ) الفاء واقعة في جواب الشَّرط، و (جَبْرُهُ) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (الهاء) ضمير مُتَّصل مبني على الضَّم في محل جر المضاف إليه.
(فَجَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ)، (فَتْحُ) هذا معطوف على (جَبْرُهُ)، حينئذٍ المعطوف على المرفوع مرفوع، وهو مضاف، و (عَيْنِهِ) مضافٌ إليه، (الْتُزِمْ) فعل ماضي مُغيَّر الصيغة، ونائب الفاعل ضمير مستتر .. (جَبْر) كم حكم ذكر له؟ ذكر حكمين: (جَبْرُهُ وَفَتْحُ عَيْنِهِ)، هناك انتقدنا النَّاظم لَمَّا ذكر الجبر ولم يذكر فتح العين، وهنا نَصَّ عليهما معاً.
حينئذٍ الحكم حكمان، لكنَّه قال: (الْتُزِمْ)، والأصل أن يقول: (الْتُزِمَا) لأنَّه إذا كان عائد الضمير مُثنَّىً وجبت التَّثنية، هل تقول: الزَّيدان قَامَ؟ لا يصح، هذا مثل: الزَّيدون قام، زَيْدٌ قام، نعم، (قام) فيه ضمير يعود على: زيد، وهو مفرد مُذكَّر، (الزَّيدان قام) لا يصح، لأنَّ الضمير هنا مفرد، ومرجع الضمير مثنَّى ولا بُدَّ من التَّطابق، حينئذٍ وجب أن يقول: الزَّيدان قاما .. بالألف، (الزِّيدون قام) لا يصح، لأنَّ الضمير هنا (قام) مُسندٌ إلى واحد، حينئذٍ كان الضمير مفرداً مذكَّراً، ومرجعه: الزَّيدون، فإذاً: لا بُدَّ من التَّطابق وهذا فاسد، فوجب أن يقول: الزَّيدون قاموا.