وَأُورِد على يونس: أنَّهم عاملوا (بنتاً) و (أختاً) مُعاملة المُؤنَّث بالهاء حيث جمعوها على (بناتٍ) و (أخوات)، دون (بنتات) و (أختات) لو كان كلامه في مَحلِّه بأنَّ التاء هنا أصلية لقالوا: (أختات)، لكن قالوا: (أخوات) وقالوا: (بنات)، ولم يقولوا: (بنتات)، لَمَّا لاحظوا أنَّ هذه التاء للتأنيث لم يجمعوا بينها وبين التاء التي بعد الألف: (بنات)، التاء الثانية هذه بعد الألف للتأنيث، حذفوا الأولى لئلا يجمعوا بين علامتي تأنيث، فحذفهم للتاء من (أخت) دل على أنَّها للتأنيث، إذ لو كانت ليست للتأنيث كما ادَّعى يونس لقيل: (أختات) فَزِيِد ألفٌ وتاء، وحينئذٍ لا يكون فيه جمعٌ بين علامتي تأنيث, ولا قالوا: (بنتات) كما هي، لكن لَمَّا حذفوا التاء حينئذٍ عاملوا هذه التاء المفتوحة معاملة (عائشات) و (فاطمات) و (مسلمات) فحذفوها.

وأمَّا اللبس الذي يُورَد، لأنَّه إذا قيل (أخت): أَخَوِيٌّ، هنا يَرِد لبس بين (أخ) و (أخت)، قالوا: اللبس في باب النَّسب لا يَضُرُّ، لأنَّه يُعرف بالقرائن والسياق، حينئذٍ لو أورد بأنَّه يقال: بَنَوِيٌّ، هذا ذكر أو أنثى؟ وكذلك إذا قيل: أَخَوِيٌّ، إذاً: (أَخَوِيٌّ) هذا يَحتمل أنَّه نِسبَة إلى (أخ) أو إلى (أخت)، قالوا: اللبس هنا ليس له تأثير.

يعني: لا يرد على مذهب سيبويه اللبس، لأنَّه لا يَضُرُّ في هذا الباب، والفرق بين الجمع والنَّسب: بأنَّ الجمع لا لبس فيه بِخلاف النَّسب، إذ حذف التاء فيه يُلْبِس المنسوب إلى المُؤنَّث بالمنسوب إلى المُذكَّر، إنَّما ينهض هذا الاعتراض إذا قلنا بضرر اللبس في هذا الباب، واللبس هنا لا يضر، حينئذٍ لا فرق بينهما.

إذاً الخلاصة: (وَبِأَخٍ أُخْتَاً أَلْحِقْ) ألحق بـ: (أخ)، (بِأَخٍ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (أَلْحِقْ)، (أُخْتَاً) مفعول به لقوله: (أَلْحِقْ)، (وَبِابْنٍ) معطوف على (بِأَخٍ)، (بِنْتَاً) معطوف على (أُخْتَاً)، (وَبِابْنٍ) جار ومجرور معطوف على (بِأَخٍ) .. لا تقل: مُتعلِّق بـ: (أَلْحِقْ)، و (بِنْتَاً) هذا معطوف على (أُخْتَاً)، ولا تقل: مفعول لـ: (أَلْحِقْ)؛ لأنَّ (أَلْحِقْ) له مفعول واحد، (ألحق بـ: بِأَخٍ أُخْتَاً، وَبِابْنٍ بِنْتَاً) هذا معطوف، الجار والمجرور على الجار والمجرور، والمنصوب على المنصوب.

وَيُونُسُ أَبَى حَذْفَ التَّا ..

(وَيُونُسُ) -بن حبيب- هذا مبتدأ، (أَبَى) منع .. هو يونس، (حَذْفَ) مفعول به وهو مضاف، و (التَّا) قصره للضرورة، أصله: التاء .. حذف التَّاء، (حَذْفَ) مضاف، و (التَّا) مضاف إليه، وجملة (أَبَى) في محل رفع خبر المبتدأ.

وأمَّا النَّسب إلى: ابنةٍ .. (بنتٌ) هذا قلنا: فيه خلاف بين الجمهور ويونس، وأمَّا (ابنةٌ) فالنَّسب إليها: ابْنِيٌّ وَبَنوِيٌّ، على الوجهين. (ابْنِيٌّ) و (بَنَوِيٌّ) كالنَّسب إلى (ابنٍ) اتفاقاً، إذ التاء فيها ليست عوضاً كتاء (بنت)، يعني: اتفقوا على الفرق بين (بنت) و (ابنة)، (ابنة) ملحقةٌ بـ: (ابن)، يُقال فيها: ابْنِيٌّ وَبَنَوِيٌّ، (ابْنِيٌّ) بدون رَدٍّ مع استصحاب الهمزة، و (بَنَوِِيٌّ) بالرَدِّ مع حذف الهمزة، هذا اتفاقاً بخلاف (بنت) فهو مَحلُّ نزاع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015