قال يونس: لأنَّها وإن أشعرت بالتَّأنيث إلا أنَّها أشبهت تاء: جِبْت وَسُحْت" (جِبْت) التاء هذه أصلية وقبلها ساكن مثلها: أُخْتٌ .. جِبْتٌ، جِبْتٌ تاءٌ قبلها ساكن .. (بنت) تاءٌ قبلها ساكن، إذاً: أشبهت تاء (جِبْت) و (سُحْت) في سكون الحرف الصحيح قبلها، هذا وجه الشَّبه أولاً.

ثانياً: والوقوف عليها بالتاء لا بالهاء، تقول: أخت .. بنت، تقف عليها بالتاء ولا تقف عليها بالهاء، كما تقول: عائشة .. قائمة .. مسلمة، إذاً: فرقٌ بين هذه التاء المجرورة .. يُعَبَّر عنها بالمجرورة المفتوحة، وبين التاء المربوطة، هذه وُقِف عليها بالتاء كما هي، وتلك وقف عليها بالهاء، وكتابتها مجرورة فكأنها لم تُشْعِر بالتأنيث.

إذاً: لو تأمَّلت! نظرت أنَّ الخلاف هنا سببه: التاء هذه، هل هي للتأنيث فتحذف للقاعدة السابقة، أم أنها ليست للتأنيث؟ إن حكمنا عليها بأنَّها للتَّأنيث حذفنا وإلا فلا، انظر! يُونُس حاول أن يجذبها يقول: " وإن أشعرت بالتأنيث إلا أنَّها كالحرف الصحيح أولى – إلحاقها بالحرف الصحيح أولى - " حينئذٍ بقيت فقيل: أُخْتِيٌّ وَبِنْتِيُّ، وسيبويه يرى أنَّ هذه التاء للتَّأنيث، فحينئذٍ إذا كانت للتَّأنيث فالأصل: أنَّ ما كان مختوماً بتاء التأنيث وجب حذف التاء عند النَّسب.

سبب الخلاف: أنَّ التاء هذه هل هي حرفٌ صحيح، وإن أشعر بالتأنيث، أم أنَّه حرفٌ للتَّأنيث؟ سيبويه على الثاني، وشيخه يونس على الأول، ولذلك لو نظرت في العلل التي أوردها يونس أنَّه قال: " وإن أشعرت بالتأنيث إلا أنَّها أشبهت تاء (جِبْتْ) " وتاء (جِبْت) أصلية، أشبهتها في كونها مُتطرِّفة قبلها صحيحٌ ساكن، ومثلها: (سُحْت) بسكون الحرف الصحيح قبلها، كذلك يوقف عليها بالتاء (أخْت) و (بنْت) كما تقول: (جبت) و (سحت)، فوُقِف عليها بالتاء.

كذلك كتابتها مجرورة، فكأنَّها لم تُشْعِر بالتأنيث فليست حرف تأنيث عنده فلذلك بقيت على أصلها، فتقول: أُخْتِيٌّ وَبِنْتِيٌّ، وَأُورِد عليه: أنَّهم عاملوا (بنتاً) و (أختاً) مُعاملة المُؤنَّث بالهاء حيث جمعوها على (بنات) و (أخوات).

إذاً: هذه التاء للتَّأنيث، بدليل أنَّهم جمعوها بألفٍ وتاء فقيل: (بنات) و (أخوات)، إذاً: الغَلَبة هنا للتأنيث، فإذا كان الأمر كذلك حينئذٍ نقول: وجب حذفها، كما قلنا هناك (فاطمة) تقول: فَاطِمِيٌّ، لأنَّ هذه التاء للتَّأنيث، وعليه ترجع إلى ما سبق تقول: تاء تأنيثٍ سواءٌ كانت مربوطة أو مفتوحة مثل هذه، فَتُعَمِّم الحكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015