(شَذَّ طَائِيٌّ) يعني: في النَّسب إلى: طَيْ، الأصل أن يُقال: طَيْئِيٌّ، لكن ترك القياس فقال: (طَائِيٌّ) بإبدال الياء ألفاً، نقول: هذا شاذٌّ يُحفظ ولا يقاس عليه، ولذلك قال: (وَشَذَّ طَائِيٌّ) حال كونه (مَقُولاً بِالأَلِفْ) يعني: منطوقاً بالألف دون إبقاء الياء على ما هي عليه.
قال الشَّارح هنا: "قد سبق أنَّه يجب كسر ما قبل ياء النَّسب" نقول: هذا من التَّغيير اللفظي، فإذا وقع قبل الحرف الذي يجب كسره في النَّسب ياءٌ مكسورة مُدْغَمٌ فيها ياء - هذه قيود - وقع قبل الحرف بدون فاصل، فإن وُجِد فاصل زالت المسألة.
إذا وقع قبل الحرف الذي يجب كسره في النَّسب ياءٌ مكسورة:
- إن كانت مفتوحة نحو: هَبَيَّخ، لم يُحْذَف.
- إن كان غير مُدْغَم بل هي مفردة لم يُحْذَف.
- إن وُجِد فاصل بين الياء وبين الحرف المكسور لم يُحْذَف.
حينئذٍ بهذه القيود الثلاثة وجب حذف الياء المكسورة وهي ثانية، الأولى تكون ساكنة للإدغام .. لا إدغام إلا إذا كانت الأولى ساكنة والثانية مُتحرِّكة، فحركتها هنا بالكسرة، وجب حذف الياء المكسورة وهي الثانية، فتقول في طَيِّب: طَيْبِيٌّ، ماذا صنعت؟ حذفت الياء الثانية المكسورة وأبقيت الأولى ساكنة على حالها.
والعِلَّة هنا التخفيف، لأنَّك لو أبقيتها على ما هي عليه .. هي مُشدَّدة .. عبارة عن ياءين، ثُمَّ كسرة، ثُمَّ ياءٌ مُشدَّدة .. عبارة عن ياءين، حينئذٍ نقول: وأيضاً الياء التي تسبق الحرف المكسور مكسورة كذلك، ازدادت ثِقَل على ثِقَل، وقياس النَّسب في (طَيئ): طَيْئِيٌّ، لكن تركوا (طَيْئيٌّ) يعني: بسكون الياء (طيْ) بسكون الياء كـ: طَيْبِي، فقلبوها ألفاً على غير قياس، لأنَّها ساكنة، ولا تُقْلَب ألفاً إلا المُتحرِّكة .. لا بُدَّ أن تَتَحرَّك. ز نقول: تَحرَّكت الياء وانفتح ما قبلها فوجب قلبها ألفاً، هنا قُلِبت ألفاً، أولاً: شذوذاًَ من حيث مخالفة القاعدة العامة، المُطَّرد في لسان العرب: أنَّ ما كان نحو (طَيِّبْ) بقيت الياء الأولى وَحُذِفت الثانية .. تبقى الياء في نطقها كما هي (طَيْبِ)، وهنا (طَيْئِي): طَائِيٌّ، حصل شذوذ من حيث مُخالفة الأصل، ثُمَّ حصل شذوذٌ آخر من حيث قلب الياء الساكنة ألفاً، ومعلومٌ أنَّ الياء متى تُقْلَب ألفاً؟ لها شروط منها: إذا تَحرَّكت وانفتح ما قبلها.
وهنا (طَيْئِيٌّ) هذا الأصل (طَيْ) ياءٌ ساكنة قبلها حركة، لماذا قُلِبت ألفاً؟ على غير القياس، هذا شاذ .. شذوذٌ وراء شذوذ.
وقالوا: (طَائِيٌّ) بإبدال الياء ألفاً، فلو كانت الياء المُدْغَم فيها مفتوحةً لم تُحْذَف، يعني: الياء الثانية، شرطنا في (طيِّب): أنَّ تكون مكسورة الياء الثانية المدغم فيها، فإن كانت مفتوحة لم تُحْذَف، نحو: هَبَيَّخِي .. هَبَيَّخ، و (الهَبَيَّخ) الغلام الممتلئ، والأنثى: (هَبَيَّخَةٌ).
إذاً: (وَثَالِثٌ) يعني: وحرفٌ ثالثٌ، هذا أولى من تقدير المكودي: ياءٌ ثالثٌ، لأنَّ الياء الثالث هذا يُفْهَم منه: أنَّ ثَمَّ ياء أولى، وياء ثانية .. فيه إيهام، لكن: و (حرفٌ ثالثٌ) أجود.
وَثَالِثٌ مِنْ نَحْوِ طَيِّبٍ حُذِفْ ... وَشَذَّ طَائِيٌّ مَقُولاً بِالأَلِفْ
ثُم قال: