إذاً: المسموع في لسان العرب أنَّك إذا نسبت إلى ما فيه تاء أسقطت التاء .. قطعاً نضع العِلَّة، فتقول: مَكِّيٌّ .. مَدَنِيٌّ، ولا تقول: مَكْتِيٌّ ولا مَدِينَتِيِّ ونحو ذلك وهذا كله فاسد، وإنَّما ترجع إلى لسان العرب، وأمَّا قول المتكلمين في (ذات): ذَاتِيٌّ، وقول العامة في (الخليفة): خَلِيفَتِي فلحنٌ، والصواب أن يُقال: ذَوَوِيٌّ .. ذَاتِيٌّ، نسبة إلى الذَّات: ذَوويٌّ وخلِيفيٌّ، هذا الظَّاهر.
(وَتَا تَأْنِيثٍ أَوْ مَدَّتَهُ)، أَوْ مَدَّتَهُ هذا الثالث مِمَّا يُحْذَف وهو مَدَّة التأنيث، فيما سبق إذا أطلق النَّاظم المدَّة صرفناها إلى الممدودة: صحراء، لكن هنا قيَّده، في السابق يُطْلِق المدة، وهنا قيَّده قال: (مَدَّتَهُ) يعني: مدَّة التأنيث، ومتى يكون التأنيث مَدَّاً؟ فيما إذا كانت مقصورة.
إذاً: قصده بقوله هنا: (مَدَّتَهُ) المراد به: ألف التأنيث المقصورة، بدليل الإضافة .. خصَّصه بالإضافة، وإن كان المشهور أن يُعَبَّر عن المقصورة بالألف، والممدودة بالمدَّة على أصلها، هذا المشهور وهذا الذي مضى معنا مراراً، ولكن هنا عنى ألف التأنيث المقصورة لذلك أضافها.
فقوله: (أَوْ) للعطف، (مَدَّتَهُ) يعني: مدَّة التأنيث، وأمَّا الألف في (حمراء) فليست للتأنيث، وإنَّما: حُبْلَى، وَسَلْمَى، وَقَبَعْثَرى، وَحِثِّيثَى، وَكُفُرَّى، كل هذه المراد بها: ألف التأنيث.
إذاً الموضع الثالث: مدَّة التأنيث والمراد بها: ألف التأنيث المقصورة، وألف التأنيث قال: (أَوْ مَدَّتَهُ لاَ تُثْبِتِ) لكنَّه استثنى:
وَإنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ ... فَقَلْبُهَا وَاواً وَحَذْفُهَا حَسَنْ
إذاً: فيه تفصيل ليست مطلقاً تُحْذَف، وليست مطلقاً تُثْبَت، حينئذٍ إمَّا أن تكون رابعة أو خامسةً فصاعداً، وأمَّا الثالثة فسيأتي بحثها، فإمَّا أن تكون رابعة أو خامسة، رابعة مثل: حُبْلَى .. وقعت رابعةً، أو خامسةً فصاعداً مثل: قَرْقَرَى، فإن كانت خامسةً فصاعداً حُذِفت وجهاً واحداً .. قولاً واحداً، لا نحتاج إلى قلب ولا غيره، حينئذٍ تحذفها مباشرة.
كقولك في (حُبَارَى): حُبَارِيٌّ، (حُبَارى) وقعت ألف التأنيث المقصورة خامسةً، أردت النَّسبة إليها ماذا تصنع؟ احذف هذه الألف فقل: حُبَارِيٌّ، بكسر الراء، ثُمَّ تزيد ياء النَّسب مُشدَّدة، ثُمَّ الإعراب يكون عليها، انظر! انتقل الإعراب من التقديري إلى الظَّاهر، أصله: حُبَارى، الإعراب تقديري .. الألف غير قابلة للحركات، لَمَّا نسبت إليها انتقل الإعراب .. انظر! من فوائد النَّسب: انتقل الإعراب من التقديري إلى الظَّاهر قلت: حُبَرِيٌّ .. رأيت حُبَرِيَّاً .. مررت بِحُبَرِيٍّ، صار الإعراب فيه ظاهراً.
إذاً: إذا كانت خامسة فصاعداً وجب حذف الألف كما في (حُبَارى): حُبَارِيٍّ، وفي (قَبَعْثَرى): قَبَعْثَرِيٌّ بكسر الراء وزيادة ياء مُشدَّدة، وانتقل الإعراب إليها فصار ظاهراً، وَقَرْقَرِيٌّ في (قَرْقَرى)، كذلك: حِثِّيثِيٌّ في (حِثِّيِثى)، هذا إذا كانت خامسةً فصاعداً قولاً واحداً .. وجهاً واحداً تُحْذَف.