فيتحد لفظ المنسوب والمنسوب إليه، هذا لا إشكال، نقول: جاء الشافعيُّ وتعني به: الشافعيَّ المذهب، والشَافِعيُّ الإمام شافعي، إذاً: اتحد اللفظ هذا وذاك، وفرقٌ بينهما من جهة التقدير فحسب، يعني: معنىً، ولكن يَختلف التقدير، ويظهر أثر ذلك .. قد يقول قائل: ما الفائدة نحذف الياء ونأتي بياء أخرى؟ قالوا: يظهر ذلك التقدير في نحو: بَخَاتِيٍّ أو إن شئت قل: بُخَاتِي، في جمع (بَخْتِيٍّ) إذا سُمِي به ثُمَّ نُسِب إليه، فإنَّك تقول: هذا بَخَاتِيٌّ مصروفاً، وكان قبل النَّسب غير مصروف.

(بَخَاتِيُّ) هذا ممنوعٌ من الصرف، لَمَّا أردت النَّسبة إليه أسقطت الياء المُشدَّدة فزدته ياء النَّسب صُرِف .. صار مصروفاً، لكن هذا أثره قليل، ولكن التَّعليل هو الذي يمكن أن يُعْتَمد عليه، نقول: لو زدنا ياءً مُشدَّدة على تلك الياء المُشدَّدة لاجتمع عندنا أربع ياءات، وأمَّا الصرف وعدمه فهذا قليل .. كلمات محفوظة، والحكم عام هنا في كُلِّ منسوبٍ تُحْذَف الياء وَيُؤْتَى بياءٍ جديدة.

(وَمِثْلَهُ مِمَّا حَوَاهُ احْذِفْ)، (احْذِفْ) هذا فعل أمر، والفاعل أنت، (وَمِثْلَهُ) هذا مفعولٌ به وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني على الضَّم في محل جر مضاف إليه، والضمير هنا يعود على الياء .. ياء النَّسب، (مِثْلَهُ) يعني: مثل ياء النَّسب، (مِمَّا حَوَاهُ) مِمَّا اتصل به.

(حَوَا) فيه ضميران: ضميرٌ مستتر، وضميرٌ بارز، الضمير المستتر يعود إلى (مَا) .. (وَمِثْلَهُ مِمَّا حَوَاهُ) الضمير يعود على (المِثْل)، لأنَّ (المِثْل) هو الذي حوى تلك الياء التي هي مشابهة لياء النَّسب، أو هي في الحقيقة ياء النَّسب، والضمير البارز يعود إلى (مَا)، يعني: يُحْذَف لياء النَّسب كُلُّ ياءٍ تماثلها في كونها مُشدَّدة، لكن قيَّدوها: بعد ثلاثة أحرفٍ فصاعداً، وَيُجْعَل مكانها ياء النَّسب، تحذف هذا وتأتي بهذا، هذا الموضع الأول.

الموضع الثاني: أشار إليه بقوله: (وَتَا تَأْنِيثٍ) قصره للضرورة، هذا مفعول مُقدَّم لقوله: (لاَ تُثْبِتَاً)، (لاَ) ناهية، و (تُثْبِتَاً) هذا فعل مضارع مبني لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفاً وقفاً، (وَتَا) هذا مفعول مُقدَّم، وهو مضاف، و (تَأْنِيثٍ) مضاف إليه، (أَوْ) عاطفة، (مَدَّتَهُ) هذا معطوف على (تَا)، فدل على أنَّ (تَا) هنا مفعول به، لأنَّه قد يقول قائل: لماذا لا نقول بأنَّه مبتدأ؟ نقول: (تُثْبِتِ) هذا يحتاج إلى تقدير، لأنَّه ينصب .. يحتاج إلى مفعول، ثُمَّ قال: (مَدَّتَهُ) بالنصب فدل على أنَّه معطوفٌ على منصوب، إذاً: (تَا) هذا منصوبز

إذاً: (تَاءَ تَأْنِيثٍ لاَ تُثْبِتِ) إذاً: الموضع الثاني مِمَّا يكون آخراً وَيُرَاد به النَّسب: حذف تاء التأنيث، فيقال في النَّسب إلى (فاطمة) مثلاً: فَاَطِمِيٌّ، حذفت تاء التأنيث، وإلى (مكَّة): مَكِّيٌّ، وإلى (المدينة): مَدَنِيٌّ، سيأتي (فَعِيلَة) تحذف الياء: صحيفة .. صحفي، لئلا تجتمع علامتا تأنيثٍ في نسبة امرأةٍ إلى (مَكَّة) لأنَّه كان يُقال: مَكْتِيَةٌ .. هذا فاسد، ولئلا يؤدي إلى وقوع تاء التأنيث حشواً، هذه عِلَّةٌ أخرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015