(كُلُّ) مبتدأ وهو مضاف، و (مَا) اسم موصول بمعنى: الذي في محل جر مضاف إليه، (مَا تَلِيهِ) عندنا ضميران: ضميرٌ بارز، وضميرٌ مستتر، الضمير المستتر فاعل ويعود على الياء .. ما تلي الياء (مَا تَلِيه)، والضمير الثاني يعود إلى (مَا) لأنَّ (مَا) هذه اسمٌ موصول ولها صلة، والصلة لا بُدَّ أن يكون ثَمَّ عائدٌ يعود عليها، (وَكُلُّ مَا تَلِيهِ) ما تليه الياءُ .. ما تكون الياء تاليةً له وهو ما قبل الياء، يعني: الحرف الأخير قبل اتصال ياء النَّسب.
(كَسْرُهُ وَجَبْ) (كَسْرُهُ) هذا مبتدأ ثاني، (وَجَبْ) هذا خبر المبتدأ الثاني، (وَجَبْ) فعل ماضي، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على الكسر، والجملة خبر عن المبتدأ الثاني، (كَسْرُهُ) وجملة المبتدأ الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول وهو (كُلُّ).
إذاً: كُلُّ حرفٍ آخِر تليه الياء كسره وجب، فـ: (مَا) هنا اسم موصول واقعة على الحرف الأخير، ولذلك قلنا من الأحكام: كسر ما قبلها، يعني: الحرف الأخير قبل ياء النَّسب وجب كسره، (كَسْرُهُ وَجَبْ)، (كَسْرُهُ) أي: كسر الحرف الذي تليه الياء، ما حكمه؟ واجب، والمناسبة واضحة: أنَّ ياء النَّسب بل الياء عموماً لا يناسبه ما قبله إلا الكسر، وأمَّا الفتح فهذا سيأتي أنَّه يقتضي أنَّ الياء الأولى تُقْلَب واواً.
قال الشَّارح هنا: إذا أُرِيد إضافة شيءٍ إلى بلدٍ أو قبيلةٍ أو شخصٍ أو نحو ذلك جُعِل آخره ياءً مُشَدَّدة مكسوراً ما قبلها، فيقال في النَّسب إلى دمشق: دِمَشْقِي" دِمَشْقِيٌّ .. دِمَشْق، قاف ثُمَّ جئت بياء مُشدَّدة، وكسرت ما قبل آخره، انتقل الإعراب من القاف إلى الياء قلت: دِمَشْقِيٌّ، وإلى (تميم): تَمِيمِيٌّ، وإلى (أحمد): أَحْمَدِىٌّ، لكن ما نصَّ ابن عقيل هنا على انتقال الإعراب، لأنَّه قد يكون واضحاً أن الإعراب ينتقل إلى الياء المُشدَّدة.
وَمِثْلَهُ مِمَّا حَوَاهُ احْذِفْ وَتَا ... تَأْنِيْثٍ اوْ مَدَّتَهُ لاَ تُثْبِتَا
وَإنْ تَكُنْ تَرْبَعُ ذَا ثَانٍ سَكَنْ ... فَقَلْبُهَا وَاواً وَحَذْفُهَا حَسَنْ
قلنا: يُزاد من التَّغييرات لأجل النَّسب ثلاث .. قلنا: هذه عامَّة، ثُمَّ تحصل بعض التَّغييرات لبعض الكلمات دون بعضٍ، تُحْذَف لهذه الياء أمورٌ في الآخر، وأمورٌ متَّصلة بالآخر، يعني: يُقَال فيه ما قيل في التَّصغير وفي جمع التَّكسير، فبعض الكلمات إذا أردنا أن نوصل وَنُلْحِق بها ياء النَّسب لا بُدَّ من الحذف، كما ذكرنا كمثال: مكة .. مَكَّةُ، هذه تاء التأنيث لا نقول: مَكَّتِيِّ، ما يصح، نحذف التاء، حينئذٍ التاء هذه آخر: مكة .. مَكَّةُ، وجب حذف التاء لأجل ياء النَّسب، إذاً: نَحذف الأخير، بعض الأشياء تكون مُتَّصلة بالأخير كما سيأتي، ما يُحْذَف وهو آخر الكلمة التي يُراد النَّسبة إليها ستة أشياء: