السالم، يعني: الذي سلم واحده في الجمع، هذا يحتمل أنه يعود إلى الجمع وصفٌ له، ويحتمل أنه يعود إلى المذكر باعتبار أنه لفظ، فيجوز فيه الوجهان.

والجمع: هذا من حيث اللفظ مصدر، والمراد به: ضم شيءٍ إلى مثليه فأكثر، لكن المراد به هنا: من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول، أي: المجموع؛ لأن الجمع معنىً من المعاني، حينئذٍ نقول: أطلق المصدر الذي هو الجمع وأراد به المجموع، ولذلك يقول فيما بعد: وَنُونَ مَجْمُوعٍ وَمَا بِهِ الْتَحَقْ، فدل على أن المراد بالجمع هو المجموع، يعني: اللفظ وإلا الجمع شيءٌ معنوي.

وأما معناه في اللغة: فهو ما دل على أكثر من اثنين، هذا ليس المقصود به لفظ جمعٍ، وإنما مسمى الجمع الذي هو المسلمون ونحوه، ثَم أمران: كلمة: جمع، وكلمة: مسلمون، ثَم نزاع عند الأصوليين: أقل الجمع ما هو؟ كذلك عند أهل اللغة، أقل الجمع ما هو؟ ثلاثة أو اثنان؟ فيه خلاف، والجمهور على أنه: (ثلاثة):

وفي أقل الجمع مذهبان ... أقواهما ثلاثةٌ لا اثنان

في أيٍ الخلاف، هل هو في كلمة: (جمع) أو ما يصدق عليه جمع وهو المسلمون؟ الثاني، ليس في الأول؛ لأن الأول أقله اثنان باتفاق، كلمة: (جمع) لو قال: عندي جمعٌ من الناس، أقله: اثنان .. لو قال: عندي جماعة، أقله: اثنان، وهذا محل وفاق؛ لأن معنى الجمع ضم شيءٍ إلى شيء، هذا الأصل فيه: ضم شيءٍ إلى شيء، وهذا المعنى يحصل بماذا؟ يحصل بضم شيء واحد إلى شيء آخر فهما اثنان.

حينئذٍ أقل مدلول لفظ كلمة: (جمع) كلمة جمع نفسها ومشتقاتها: اثنان، وهذا لا نزاع فيه، وإنما النزاع في نحو: مسلمون وما شاكله، هل أقله ثلاثة أم لا؟ هل المسلمون الأصل فيه: مسلم ومسلم، أو الأصل فيه: مسلم ومسلم، ومسلم؟ لا شك أنه الثاني.

وأما في الاصطلاح، فمرادهم بجمع المذكر السالم: ما دل على أكثر من اثنين مع سلامة بناء مفرده، قلنا (ما): هذا اسم معرب، لا بد أن نفسره هنا: بالاسم المعرب، فلا يدخل معنا المبني؛ لأن حديثنا في المعربات لا في المبنيات.

ما دل، دل يعني: اسم معربٌ ذو دلالة، على أكثر من اثنين: أخرج ما دل على أكثر من اثنتين وهو جمع المؤنث السالم، وبقي معنا ماذا؟ جمع التكسير، فقوله: مع سلامة بناء مفرده: أخرج جمع التكسير.

إذاً: ما دل على أكثر من اثنين: أخرج جمع المؤنث السالم وبقي معنا جمع التكسير، وأما المثنى هل يرد؟ لا يرد، لماذا؟ لأن المثنى: ما دل على اثنين أو اثنتين، وهنا: ما دل على أكثر من اثنين فهو خاص بالجمع.

مع سلامة بناء مفرده لفظاً أو تقديراً: فخرج به جمع التكسير المتغير واحده لفظاً كالرجال، أو تقديراً كصنوان؛ لأن الحركات هنا مقدرة، والمراد: مع سلامة ما ذكر لغير إعلالٍ، سلامة بناء الواحد: هذه شرط في صحة جمع المذكر السالم، زيدٌ زيدون، مسلم مسلمون، كما هو يبقى، لا بد أن يصح واحده في الجمع، بمعنى: أن صورة الواحد موجودة في الجمع قبل زيادة الواو والنون، أو الياء والنون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015