وَزَائِدَ الْعَادِي الرُّبَاعِي احْذِفْهُ ..
انتقل إلى المزيد، وهذا إشارة إلى الخماسي بزيادةٍ، سواءٌ كان رباعياً زيد عليه حرف، أو خماسيَّاً وزيد عليه حرف، فالحكم عام، (وَزَائِدَ الْعَادِي) الذي تَعدَّى وعَدَى وجاوز (الرُّبَاعِي)، سواءٌ كان رباعيَّ الأصول، أو خماسي، (احْذِفْهُ) فتحذف - أطلق الحذف - تحذف حرفاً من الرُّباعي المزيد بحرف كـ: مُدَحْرِج، تحذف الميم: دحارج، وتحذف حرفين مِمَّا زيد على الخماسي، الحرف الأصلي وهو اللام، أو ما قبله إن كان شبيهاً بالزائد، وتحذف الذي زيد.
مَا لَمْ يَكُ لَيْنَاً إِثْرَهُ اللَّذْ خَتَمَا ..
(مَا لَمْ يَكُ) هذا استثناءٌ من الحرف الزائد، هكذا حمله ابن عقيل، فإن كان الحرف الزائد حرف مَدٍّ قبل الآخر لم يُحذف، يعني:
وَزَائِدَ الْعَادِي الرُّبَاعِي احْذِفْهُ ..
إلا .. إلا إذا كان هذا الزائد حرف لينٍ قبل الأخير، وهذا يُتَصوَّر في الخماسي: قرطاس، هذا رُباعي زيد قبل آخره مدٌّ، إذاً: الحكم عام، إلا إذا كان الحرف الزائد (لَيْنَاً) قبل آخره، فحينئذٍ يُقْلب هذا الحرف ياءً فلا داعي إلى حذفه، يعني: يبقى وَيُقْلَب ياءً مثل: قرطاس، تجمعه على: قراطيس، قنديل .. قناديل، عصفور .. عصافير قُلِبت الواو ياءً، وأمَّا الياء الثابتة فتبقى كما هي.
وَالسِّينَ وَالتَّا مِنْ كَمُسْتَدْعٍ أَزِلْ ... إِذْ بِبِنَا الْجَمِعِ بَقَاهُمَا مُخِلّْ
وَالْمِيمُ أَوْلَى مِنْ سِوَاهُ بِالْبَقَا ... وَالهَمْزُ وَالْيَا مِثْلُهُ إِنْ سَبَقَا
نهاية ما يصل إليه الجمع: أن يكون على مثال (مَفَاعِل وَمَفَاعِيل)، أقصى جمعٍ ووزنٍ هو (مَفَاعِل وَمَفَاعيل)، ليس بعدهما وزن، ولذلك قلَّت الكلمات التي على هذا الوزن، وَكُلَّما اسْتُثْقِل اللفظ في لسان العرب صار معدوداً، وكلمَّا قلَّت الحروف صارت أكثر، ولذلك الصَّرفيُّون يُجْمِعون على أنَّ الثلاثي أكثر من الرُّباعي يعني: الكلمات لو نظرت في اللسان والقاموس تجد الثلاثية أكثر من الرباعية .. كثير جداً، والرُّباعي أكثر من الخماسي، لأنَّ الخماسي ثقيل .. كلمة طويلة، والرُّباعي أخف منه، والثلاثي أخف.
ثُمَّ إذا نظرنا في الثلاثي: منه ما هو بفتحات، ومنه ما هو بفتحٍ وكسر، ومنه ما هو بفتح فضم، لا شك أن الذي بالفتحات أخف، ولذلك ما كان على وزن (فَعَلَ) أكثر، وكان التَّعدِّي فيه أكثر، لأنَّ الاستعمال له أكثر، فكلما كثر الاستعمال خفَّفوا إمَّا بإسقاط حروف، وإمَّا بوضع أصلٍ على ثلاثة حروف، وإمَّا بالحركات، كلما كثر استعمال اللفظ خُفِّف:
إمَّا بحركاته، وإمَّا بوضعه على ثلاثة أحرف، وإمَّا بإسقاط حروفٌ منه: إمَّا إدغام .. إمَّا قلب .. إلى آخره، فكان (فَعَلَ) أكثر، ثُمَّ (فَعِلَ)، ولذلك لَمَّا قلَّ (فَعِلَ) في الاستعمال كان اللزوم فيه أكثر.
ثُمَّ يأتي بعده (فَعُل) بفتحٍ فضم، هذا ثقيل ولذلك التزم فيه اللزوم، (فَعُل) أكثر من الرُّباعي ولو كان ثلاثي مضموم العين.